في حياة الأمم، يُنظر إلى التحديث كنظامٍ حتميّ، يسعى عبر توسيع إمكاناته وتأثيراته الشاملة لإحداث حركة تطورّ حياتي وازدهار فعليّ.
والتعليم هو البعد الأساسي الذي يتجلى في فضاء التحديث الوازن، والفاصلة الزمنية هنا ليست بعيدة؛ للتعرف على نهضة التجربة اليابانية وحجم حركة التحديث الذي هو مَدِين لنظام التعليم هناك.
وحول التعليم لدينا، يشير معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ، إلى ضرورة الالتفات إلى متطلبات سوق العمل وتغيرات واقعه؛ إذ إنّ ما كنّا نحتاجه من مهن وتخصصات قبل عشرين عامًا، ليس هو كذلك اليوم، وما قد نحتاجه بعد عشر سنوات يختلف عمّا نعيشه الآن.
وهذا لا جدال حوله، ومناطُه التحديث، لكنّ التحديث في التعليم، يفترض أن يشمل كل ما يعني بالحياة التعليمية، ابتداءً من البيئة التعليمية، وظروف منشآتها، التي لها علاقة مباشرة بمستوى الجودة في التعليم؛ فالتصميم الهندسي للمنشأة التعليمية المعاصرة، إذا لم يراعِ الأبعاد الصحية والنفسية والوجدانية، فهذا سيكون بمنزلة الأسرة التي لا تتفاعل مع الجو التعليمي.
أما ما لدينا، فصار موضوع «ساعة النشاط» هو منصة الجدل المحتدم بين فريقين، بالرغم من أنّها كبرنامج مستحدث، كانت تحتاج إلى أن تنطلق كعينة تجربةٍ في بعض المدارس أولاً، ثم يتم وضع الإجراء التنفيذي المناسب لتطبيقها.
ومن أن نحتفي حول نجاح دورات إثراء المعلمين والمعلمات في التعليم العام خلال الإجازة الصيفية، كما هو الحال في اعتماد مقررات تعنى بالتفكير الناقد والفلسفة.
وكمفارقة معاصرة، نجد بعض المعلمين أو المعلمات مشدودين إلى تقنيات تعليمية، مثل التشدد في تطبيق حفظ المتون؛ تأثراً بمقولة: “من حَفِظَ المُتون، حازَ الفنون”، إلى درجة بعضهم يُلزم الطلاب بالحفظ الحرفي لتعريف علمي، يمكن إعادة صياغته. لكنّ الطريف، ما أتذكره عن أستاذنا الجامعي الذي كان يصر على أن نعيد صياغة ما يكتبه لنا من تعريف أي مفهوم، وأن لا نتقيد بما جاء خلال صياغة المنهج؛ تفعيلًا لمهارة الطلاقة الذهنية والفهم والقدرة على التعبير أكثر من الاستظهار والحفظ.
يضاف إلى كوننا في أمس الحاجة إلى إحراز تقدم فارق في تطبيق منهجية التعليم المعتمد على المشاريع PBL، مع أهمية أن يكون التطبيق العملي ملمحًا أساسيًا في ذلك. وكمثال، نقرأ عن بعض مدارس ماليزيا الابتدائية؛ حيث يقوم الطالب بتركيب دائرة جهاز الراديو، فيما تقدم بعض المدارس الابتدائية في مادة العلوم من خلال حديقة يزرعها الطلاب أنفسهم، ويتعرفون على أجزاء النبتة بأنفسهم.
لكن أن نعيش مفاهيم الواقع المعزز، ويزامن ذلك بيئات مدرسية غير مجهزة، فهذا حال غير موائم لمفهوم التحديث؛ إذ إن بلوغَ معناه، يتطلب استعدادًا متناسبًا، واستحداثَ أنماطٍ تعليميةٍ تشجع روح الابتكار العلمي، لاستيعاب معالم الثورة الصناعية الرابعة 4IR، وتبدأ الساعة المباركة بطلوع فجر التحديث.