في الجش.. وسام الملك عبدالعزيز يكشف قصة فتاة وهبت الحياة لشقيقتها

ستة أشهر وقصتها طي الكتمان، لم تفصح بالكثير من زواياها المفقودة حتى لأقرب المقربين، فهي ترى أن عملها طبيعي جدًا من أي أخت تجاه أختها، إلى أن تم منحها “وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة” ضمن 245 مواطنًا ومواطنة بعد أن صدرت موافقة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، بمنحهم الوسام؛ وذلك لتبرعهم بأحد أعضائهم الرئيسية، سواء كان العضو من حي أو من متوفَّى دماغيًّا.

زينب علي حسين آل ضاحي، واحدة من بين كثيرين من الذين أقدموا على خطوة التبرع بإحدى كليتيهم من دون أن يتركوا أثرًا لتلك الخطوة، لا لشيء إلا لأنهم يستصغرون ما قدموا، أو يرونه فرصة لأن تكون صدقة جارية تكتب لهم، والصدقات في أكثرها تبحث عن السر.

زينب المنحدرة من بلدة الجش، كانت تعيش حياةً طبيعية ومازالت، إلا أن الاختلاف أنها أصبحت واحدة ممن تقلدن وسام الملك عبدالعزيز، بعد أن تبرعت بكليتها لأختها فاطمة والتي تصغرها بتسع سنوات.

آلام في الغربة
بداية الحكاية في كندا، حين شعرت فاطمة آل ضاحي ببعض الآلام خلال دراستها هناك.

اتجهت فاطمة للمستشفى لعمل الفحوصات اللازمة، لتكتشف أن الفشل الكلوي وراء ذلك الألم، فما كان منها إلا أن قطعت بعثتها وعادت لمسقط رأسها لتبث آلامها بالقرب من أهلها.

في الوطن الألم يزداد
عاشت زينب وجع أختها فاطمة لحظة بلحظة، وهل هناك أحد يستطيع أن يشاطرك ألمك غير أخيك، تقول زينب لـ«القطيف اليوم»: “بعد أن كانت كليتا أختي تعمل بنسبة 23% بدأ الحال يتدهور، والآلام تزداد، حتى وصلت النسبة إلى 20%، ثم أقل، حتى إنها ذات مرة شعرت أنها غير قادرة على التنفس من شدة الألم، وهو ما استدعاها لأن تخضع للغسيل الكلوي”.

وتضيف: “ستة أشهر وهي تعاني مع الغسيل، بين يوم ويوم تذهب للمستشفى، لينتهي الأسبوع بثلاثة أيام من حياة أختي تقضي أكثر ساعاتها على السرير الأبيض، هنا كان عليّ أن ألبي نداء قلبي وأبحث عن طريقة تخلصها مما هي فيه”.

بين أروقة مستشفيين
في الوقت الذي كانت تخضع فيه فاطمة لجلسات الغسيل، كانت زينب تزور مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام لعمل فحوصات خاصة لتقدم لأختها هديتها المختلفة، لقد كانت تدعو الله أن تنتهي تلك الفحوصات بالتوافق والموافقة على أن تتبرع لها بإحدى كليتيها.

سر
زينب لم يجبرها أحد على خطوة التبرع، بل حتى إن أختها لم تطرح على أسرتها فكرة أن يتبرع لها أحدهم لتقوم بعملية الزراعة.

شعور زينب بأن أختها وسط هذه الأوجاع وحده كان الكفيل لأن تفكر أن تهدي أختها الهدية الأغلى والأثمن، أن تسهم في إعادة الحياة الطبيعية والسليمة لها، لذلك بادرت بعمل كل الفحوصات اللازمة لتبرعها، كل ذلك فعلته سرًا عن أسرتها، لم تخبر أحدًا برغبتها ولا بخطوتها نحو تنفيذ تلك الرغبة.

تذكر، منذ علمتُ بمرضها وهي في كندا قلت لها: “لا تقلقي أنا موجودة”، مضيفةً: “كانت الفكرة فعلًا تدور في رأسي، فلو لم تكن المصابة أختي لما كان عندي أي اعتراض على التبرع، فكيف بمن تشاطرني الدم والخلايا والاسم”.

حافظت آل ضاحي على سرها في رغبتها بالتبرع لأختها حتى عن أقرب من لها -بقية أخواتها-، تقول: “كانت فاطمة وزوجها ومديري في الشركة التي أعمل بها وحدهم من عرفوا برغبتي، إلى أن طُلب مني في المستشفى أن أحضر أحد أهلي ليوقع كي يباشرني بعد العملية، فهنا اضطررت لأن أخبر أهلي بقراري”.

تاريخ
16 يوليو 2018، كان تاريخ تحول في حياة الأختين آل ضاحي، إحداهما استعادت جزءًا كبيرًا من صحتها التي فقدتها خلال عام تقريبًا، والأخرى توجت نفسها بعمل إنساني كانت تسعى له في قرارة نفسها منذ زمن، حتى كتبه الله لها في واحدة هي بمثابة النفس لديها.

وسام
تقول آل ضاحي: قبل تبرعي طرح علي المستشفى سؤالًا: لماذا ترغبين بالتبرع؟ فأجبتهم: “أختي”، حقيقةً أنا لم أجد إجابة وافية أكثر من هذه الكلمة.

اختصرت آل ضاحي عطاءها بأحرف بسيطة، إلا أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، فكان الوسام وسيلة شكرها في الدنيا، بعد أن تناقلت الصحف الرسمية اسمها ضمن قائمة المتوجين به.


error: المحتوي محمي