ذات سهر حيث الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، يعلن عن سكون الكون إلا من كوب قهوتي تشربني حتى آخر رشفة، حينما يذوب الفجر في عين العتمة دون إغفاءة متسائلة بصمت: ماذا عن فكرة مقالي هذا الذي لم تكتمل فكرته بعد؟! أعترف حتى لو كانت الفكرة بسيطة وسيكون للنص معنى.. المهم هكذا يمضي الوقت مني وأمضي معه وأحب عمري وأعشق أفكاري وأتعجب لمن لا فكر لهم، وأحيانًا الوقت يمر وفكري مازال على قائمة الانتظار، ينتظر أن تلد بعض المفردات فيأتي الفرج لتتضح فكرة مقالي هذا، ولعل هناك قارئًا ينتظرني ليقرأ بصمت حيث الصمت أحيانًا يساوي إنسانًا يفكر، ولأن الانتظار يصبح أحيانًا هاجسًا لنقتل به رتابة الوقت.
سألتني إحدى الطالبات مستفسرة: ما السر في ذكر اسم زوجك في المحاضرات والدروس والمقالات التي تطرحينها وتكتبينها؛ كقولك: قال لي زوجي وقلت أنا لزوجي، كما أنك تقولين كان زوجي واقترح زوجي، وزوجي كأنه حاضرًا معنا.
فما كان مني إلا أن أرد عليها قائلة وبهدوء للغاية: يا عزيزتي إن جميع دوراتي الإنسانية هي بمثابة مشروع إنساني مع زوجي الإنسان العظيم الفاضل، فمن التحقت بإحدى دوراتي تستشف أنه لا يمكن أن يكون كل هذا الإنجاز والنجاح والعطاء لي وحدي، إذا عندما أتحدث عنه استنادًا لذلك القرب والدعم وهو بمثابة شريان الحياة لي.
أنا هنا في كل شيء أتحدث بصراحة وأكشف ببوح وفي ذلك نجحنا معًا.. وهنا أسأل تلك الطالبة: ما سر دهشتك وغيرتك من عشقي لزوجي وإعجابي بأخلاقه ونبله، ولم انتظر الرد منها فلن أقف عنده! وسيبقى مجرد سؤال ليس إلا!
سألتني إحدى الطالبات أيضًا مِن أين لي بالتواضع للجميع دومًا فأجبتها على الفور: حينما تتخلين عن تواضعك أنت دومًا. شجعني سؤالها المدهش على تهذيبها وتشجيعها بدلًا من الاستهزاء بسؤالها! ولن أسمح بالغرور أن ينال مني وأنا أشعر كم هو الغرور قبيح وذميم.
يحصل أحيانًا أن أشعر بدهشة داخل نفسي لغرور البعض للغير، وفي لحظة تتوقد داخلي بعض القوة وحينها روحي تحدثني باجتياح هذا السلوك غير الأخلاقي وقمعه، وسيبقى مجرد سؤال ليس إلا!
قرأت ذات مرة؛ يقول عالم أحياء أمريكي: إن طبيبًا لمح في طريقه كلبًا مصابًا بكسر إحدى قوائمه فحمله إلى عيادته البيطرية لمعالجته، وبعد أن تماثل للشفاء أطلق الطبيب سراح الكلب، وبعد فترة من الزمن سمع الطبيب نباح الكلب عند عيادته فلما فتح الباب وجد الذي عالجه ومعه كلب آخر مصاب! والنتيجة التي خرج بها عالم الأحياء هي أن الكلاب ترفق وتعطف على بعضها وتعمل قدر استطاعتها أعمال الخير، وسؤالي: لماذا لا يأخذ بعض البشر العبرة حتى لو من الكلاب؟ وسيبقى مجرد سؤال!
هذه الأيام تصادف حفلات أعراس كثيرة وتصلني دعوات كثيرة أيضًا، وحتمًا أقدم اعتذاري لعدم المشاركة والحضور احترامًا وحزنًا لفقدي صديقتي فتحية التي تركت أثرًا طيبًا وجرحًا عميقًا البعض يحترم إحساسي والبعض يستنكر وفائي بسؤالي: ما الضير في الحضور للترويح عن نفسك؟! وهنا ردي: إنه نادر في مثل هذا الزمن أن نعثر على إنسان يتسم بالوفاء والتضحية والاحترام، وسيبقى مجرد سؤال.
صدقًا هناك أسئلة لا ردود لها، ويبدو البوح صادقًا حيث أصدق الأمور التي نراها في قلوبنا من حيث لا يراها الغير ولتمطر ما تشاءه السماء، عام جديد بلا هموم وأحزان على كل الكون، وتبقى للخالق مشيئته ونحن ما علينا إلا الدعاء والأمل.
وكأن فكرة نصي لم تكتمل بعد، وسيبقى مجرد سؤال!