(2) لن أرد على مكالمتك ولن أعلق على رسالتك

صالح يعاود الاتصال بعد ساعة على زميله ويرسل له رسالة بحاجة التواصل معه، فلا يجد ردًا فيقرر أنه سيؤدب هذا الزميل عندما يتصل به، وبالفعل يتصل زميله بعد ساعات ولا يجد ردًا لأن موقف صالح تعبير ذاتي ينتاب الكثير منا “كما لم يحترمني لن أحترمه”، ولكنه يفاجأ بأن زميله كان بالمستشفى لأمر طارئ ولم يستطع الرد في ذلك الوقت.

حالة من ردود الفعل النفسية السلبية يُصاب بها بعضنا حينما يتصل على أحد أصدقائه مثلًا أو يرسل له رسالة عبر الجوال ثم لا يجد جوابًا، ونبحث بشتى السبل للتأكد أنه قد وصلته الرسالة، نعم هناك شرطتان ثم يعمد للتأكد أكثر، وبالفعل يجد أن الرسالة قد قُرئت، ثم نبدأ بإعلان الأحكام والقرارات.

أنا أعرف هذا الصديق، إنه لا يكترث بي ولا يقدرني وليست المرة الأولى التي يهينني بهذه الطريقة، ولكنني سأتعامل معه بمثل ما يصنع ليعرف مقداري وقيمتي، وبالفعل يعاود صديقه الاتصال في وقت آخر وهو بحاجة لصديقه في أمر مهم جدًا، ويرسل له الرسالة تلو الأخرى ولكنه لا يجد جوابًا.

إنك متكبر ولا تكترث بالآخرين ولا تتصل إلا وقت حاجتك، جمل معلبة كثيرة قد تفاجأ بالكثير منها.

مشاعرنا المتضخمة أو الحساسة جدًا تجعلنا أكثر توترًا ونحكم بسرعة ذاتية على عدم اهتمام الآخرين بنا أو أنه يقلل من شأننا وربما تُصاب علاقتنا الرحمية أو صداقتنا أو أخوتنا أو زمالتنا بشيء من التراجع والتأثر النفسي.

بعض الأشخاص يصابون بمثل هذا التوتر السريع ويبنون عليها مواقف وقرارات من المقاطعة أو الخصام نتيجة غضب نفسي لما نعتبره استهجانًا بالشخص الآخر ونصفهم بالتكبر والصفاقة وعدم احترام الآخرين.

كون الشخص لم يرد كما في هذا المثال ربما يكون صعبًا تقبل ما بناه الإنسان في نفسه بعد العلم به، وربما يقع الزوجان في خلاف شديد لمثل هذا والأشد سوءًا حينما نبني على مشاعر وأحاسيس سلبية لا واقع لها (وساوس) ونفقد بذلك الكثير من الأحبة والأصدقاء لمجرد موقف كهذا، وربما للمرة الأولى يحدث أو يتكرر لأسباب قاهرة قد نجهلها ونصنع الجفاء والخصام بيننا.

لماذا نغيّب حسن النية واحتمال الانشغال الذي منع من الإجابة أو كونه نائمًا أو جواله على الصامت، إلى غيرها من الاحتمالات التي منعت من ذلك.

ألا يمكننا وضع كل تلك الأسباب أمامنا ولنفترض أننا متيقنون من عدم إرادتهم الرد ولماذا لا نجعل من احتمال أنه في حالة نفسية لا يرغب في إزعاج الآخرين له وربما يتفادى أن تصدر منه كلمة تجرحك.

قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَن لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ}.

نعم ذلك أزكى لنا فقد يكونون غير مهيئين لاستقبال اتصالنا بما يملكونه من عذر وهو خير من أن نسمع كلامًا غير مريح عندما يكونون في حالة غضب أو خلاف يتوجب علينا عدم الاطلاع عليه مثلًا.

سلسلة واقع نبحث له عن حل (2)


error: المحتوي محمي