منذ فترة طويلة كانت تراودني فكرة لصياغة نص لإدراك ما كنت أحتاجه! ومنذ فترة طويلة أيضًا كانت تراودني هواجس غريبة، ولم أكن لأعرف حينها أنها تخبرني رسائل خفية عما سيحدث لي، رغم أن كلًا منا يحمل خوفه وهواجسه وليس بأيدينا، ولكن إرادة الأقدار جعلت كلًا منا باتجاه؛ حيث القدر لا سلطة لنا عليه، وأيضًا لا نعرف ما تخبئه لنا الأقدار ونحلم بحياة وتهبنا الدنيا حياة أخرى، وقد تأخذنا الحياة ببعض الهدوء وقد تأتي لحظة يصفعنا فيها الزمن، وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن حينها نقف لندرك أين وصلنا! وليت الغد يكون أفضل فلا يعد للهواجس مكان داخلنا.
لا أدري لماذا أقف عاجزة اليوم هنا ربما خانتني الكلمات وهي طوع أناملي لا أدري! ما أعرفه الآن فقط أنني مع القراء! لا أعلم هل سأتمكن الآن من كتابة مقالي كما ينبغي، أحاول أن أجسِّد حروفي لتفوح رائحة قهوتي ومن خلالها أجد نفسي هنا بين السطور، ولعلي أبحث عن الورد أكثر في أعماقي. شكرًا لوقوفك بالنص وبالقراءة الجميلة لمقالي مسبقًا، وأنا أجد أن الكتابة ليست ترفًا وإنما مسؤولية تحتم علي أن أقدم للفكر الإنساني رسالة نبيلة هادفة، فالكتابة هي المتنفس للروح والقلب أنثر على السطور بعض نفحات الفرح والحزن، وأطلق إحساسي للفضاء لعلنا نجد السلام مع أنفسنا وغيرنا، وتبقى الكتابة هي العالم الأفضل لنبث مشاعرنا.
مع أول كوب قهوة تشتغل الهواجس! هكذا هي تختار ما يحلو لها وتفترض ما لا يكون، وليس هناك قوانين تقيد الفكر في الهواجس التي تلامس شغاف الروح المفعمة بالحنين إلى لحظة ما وإلى شيء ما الذي يصعب علي إدراك ماهيته! ذلك الشعور الخفي الذي يرافقني شئت أم أبيت، وأقسم أنني محتارة لدرجة الارتباك فيما سأكتبه أو أدعه من تلك الهواجس المتجاوزة التي تتجاوز الحد المسموح، كل لحظة يراودني هاجس وكلما مررت بمكان زارني ذلك الهاجس فأغمض عيني حينها وأنا أحمل في قلبي بقايا حلم ولعله أمل، حينما تطيل الهواجس ننتظر الفجر بفارغ الصبر كي نصلي وتغسل الشمس تلك الهواجس. لقد جربت في فترة ما أن أحقد على شخصية جرحتني ولكني لم أتمكن من ممارسة الحقد عليها,،والمبرر لقد خلقنا الله وقلوبنا مليئة بالحب والعفو والتسامح، وعلى الغير أن يدركوا يومًا ما كم نحن بارعين ومتفوقين بالسعادة والرضا والتصالح مع أنفسنا وغيرنا رغم الجرح.
عندما يعجز حاضرنا عن مواكبة الماضي بكل أوجاعه نختار أحيانًا العيش في ظلال الماضي حيث الذكرى! كل شيء له آخر ولكن بعض الأشياء لا تنتهي وتبقى معنا الذكريات، هي خير هروب من واقع أليم، وهي ما تمنحنا شعورًا بالسكون ولو للحظات قليلة، الذكريات هي التي تسلبنا من اللحظة وتفرض حضورها علينا، وبعض الذكريات ترطب أيامنا ولكن يدهشني أحيانًا أن يصحو صباحنا وهو كئيب، وعلى أثر ذلك لا يكون للأشياء معنى ولا لون! هل أصبحت هواجسنا من الماضي؟ وكلما نصحو نعيدها بفرح وحزن، بعض الهواجس لا تعود بينما بعضها لا تفارق ذاكرتنا ربما هي من تلاصقنا ولسنا نحن، وربما هي تخشى أن تغادرنا ولذا تفرض حضورها علينا. وهنا لا أحد يستطيع أن يفهم سر تعلقنا ببعض الأشخاص وبأصواتهم العذبة التي سنظل نشتاق لها كل العمر! ويدهشني وكيف يكون لها القدرة على إيقاظ الحنين وكل المشاعر المتوهجة وسط ضجيج وتفاهات المتملقين لتسكن بأرواحنا.
تعودت أن أنتحب بصمت حيث لا يقرأ أحد دموعي أو يسمع بكائي وهذا امتياز تمنحه لي السماء! وهنا أتساءل لو عادت عجلة الزمن للماضي هل ستكون هواجسي بنفس اللوعة مثلًا! ويبقى للبوح بريقه الذي يخطف الألباب، أرجوا أن يكون نصي قد أيقظ فيك ذكريات سعيدة بعيدة عن الهواجس، نعم هذا ما حاولت كتابته في هذا النص، فالزمن لا يرجع للوراء وما مضى وما حدث ينبغي أن نتجاوزه بغض النظر عما سببه لنا من وجع وضرر؛ لذا النظر للوراء لن يجدي أو يفيد حيث كل شيء في حياتنا يحدث بقضاء وقدر.
وأنا فقط بالكتابة أتحرر من الهواجس المتوهجة ولن أزيد!