يحاول هواة التصوير أخذ الصورة من زاوية مناسبة، محافظين على البعد البؤري لها كي تبدو صورة احترافية.
فتعطينا جمالًا ينسجم مع الروح حال رؤيتها.
وهذه النظرة الجميلة ترمز لعدم التعمق في حياة الناس والاكتفاء برؤيتها عن بعد، مما يجعلنا نراهًا بصورتها الجميلة دون النظر لتفاصيلها الدقيقة.. هكذا تبدو علاقتنا مع الآخرين، نبقى بعيدًا عن مسرح حياتهم، مكتفين بالنظر للأحداث العامة دون التعمق كثيرًا، نشاركهم فرحهم كلما أمكن ونواسيهم في أحزانهم.. نعشق تغليب المشاعر الإيجابية في الحديث معهم دون تدخل مباشر وتطفل يجعلهم يشدون الرحيل في حال رؤيتهم لنا.
إن فن إدارة العلاقات السطحية أمر يفرضه العقل فضلًا عن الشارع المقدس (وكره لكم قيل وقال).
وعدم التدخل في شؤون الآخرين من صميم أخلاق المؤمن الذي يربو بنفسه عن التطفل وعن طرح الاستفسارات التي تزعج الآخر.
ولأنك تربي نفسك لتكون ضمن إطار العلاقات الناجحة أدر ظهرك لكل شيء يحدث لك ألمًا، وابتعد عن أي حدث يزعجك، وفارق من يقلق راحتك فإن الفقد هو فقد الذات لا فقد الأشخاص.. يؤمن بذلك من كان قلبه متشبعًا بالإيمان بقضاء الله تعالى وقدره خاصة في مغادرة من نحب أحيانًا، قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.
يقول أحد الذين تعرضوا للتنمر الوظيفي: كرهني زميل لي في العمل وكنت محبوبًا بين زملائي، لكنه استطاع بأسلوبه وخطابه المتنمّر أن يجعلهم بين مكذب ومصدق بأحاديثه المتنمرة.. إلى أن تمادى الجميع في الابتعاد عني والبعض كان يتحدث معي من وراء حجاب بعيدًا عن الأعين.
ولكن شاءت الأقدار أن يختارني المدير للعمل معه في الفرع الآخر من الشركة.
خرجت من عملي القديم وقلبي محمل بالحب للجميع وانخرطت في عملي الجديد وكلما صادفني أحد زملاء العمل قابلته بود وحب لا نظير لهما.
لقد حققت نجاحًا كبيرًا في عملي الجديد وزاد دخلي المادي.
لم ألتفت يومًا للوراء وإنما واصلت السير للأمام حثيثًا، وكنت أبحث عن القوة بداخلي لأسند نفسي، فقد كنت ملكًا في خطواتي مؤمنًا بالجمال في نفوس البعض مصممًا على إخراجه.
أحلق دائمًا في إرادة الله ومشيئته مؤمنًا بقضائه وقدره أُردّد بيني وبين نفسي:
أنا إنسان قوي، وهناك من يعيش لأنني بجانبه.
ولأننا لن نكتفي بالسير على الأقدام اخترعنا السيارات ولأننا نحب التغيير للأحسن نحاول أن نقفز أمتارًا لنصل لوجهتنا ولأننا نحب الآخرين نتجاوز عن هفواتهم ونفتح صفحات جديدة عندما يحاولون تلويث صفحاتنا، نحاول أن ننسى الألم ونبتعد عن سيئ القول حتى نشعر بالسلام الداخلي في أنفسنا.
قال (عليه الصلاة والسلام): “أكثر ما يدخل الناس الجنة، تقوى اللّه وحسن الخلق” رواه الترمذي والحاكم.
نحن نعشق الجمال وتتلذذ العين لرؤيته وربما نراه في أشخاص أو في مناظر الطبيعة الخلّابة.
ألا إن هناك بعضًا من البشر يشبهون الورد ليس في جمالهم؛ وإنما في إشراقة مبْسمهم عندما يَصِلُون بينك وبين الحياة من جديد بعد أن أوشكت على هجرانها، هنيئًا لمن يلتقي بهم في مثل هذا الزمن.