العقل أولًا أو النص

سألني بعض المثقفين أيهما أسبق العقل أم النص؟

فقلت: جاء في الحديث المشهور الصحيح عن محمد بن مسلم، عن الباقر (عليه السلام)، قَالَ: “لَمَّا خَلَقَ اللهُ الْعَقْلَ اسْتَنْطَقَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَقْبِلْ، فَأَقْبَلَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَدْبِرْ، فَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ، وَلَا أَكْمَلْتُكَ إِلَّا فِي مَنْ أُحِبُّ، أَمَا إِنِّي إِيَّاكَ آمُرُ وَإِيَّاكَ أَنْهَى، وَإِيَّاكَ أُعَاقِبُ، وَإِيَّاكَ أُثِيبُ”.

إنّ الشخصية الإنسانية مركّب فذ من: جسد وروح ونفس وعقل، ولها بعدٌ اجتماعي عظيم الأثر في وجودها، وكل نمو إيجابي في أي جانب من جوانبها ينعكس عليها جميعًا، كما أنّ أي خلل يصيب أي جانب منها يعود بالضرر عليها جميعًا.

ويستمد الاهتمام بالبعد العقلي نوعًا من التميز من خلال أنّ التفكير الجيد شرطٌ لتنمية كل شيء في الحياة: التربية، والاجتماع، والاقتصاد، والسياسة، والعلاقات..

ويعد أي تطوير لأي جانب من جوانب الشخصية بالغ الأهمية؛ لأنّ الرؤية الإسلامية تؤسس مقولة: (الإنسان أولًا).

أضف إلى هذا أنّ التقدم المادي والعضوي قد يكون محدداً بأسوار تجعل المضي فيه أمرًا عسيرًا أو مستحيلًا، بينما أمد النمو أمام البعد العقلي والروحي فسيحة جدًا.

والعقل البشري له جلالة ورهبة، وهو نعمة عظمى من الله (جل وعلا) وله قدرات هائلة، هي أكثر مما يظن. وهو أشبه بعملاق نائم، وقد دلّت الدراسات العلمية أنّ ما تم استخدامه من إمكانات العقل هو عدد ضئيل جدًا أمام إمكاناته الحقيقية.. {فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ}.


error: المحتوي محمي