كثيرة هي الأحياء في حلب التي أصبحت في يد النظام السياسي في فترة زمنية وجيزة. وتهاوت قوى المعارضة وتخلت عن أراضي حلب في فترة زمنية وجيزة..
وهذا التهاوي السريع لأحياء حلب التي تديرها قوى المعارضة، يفتح المجال واسعاً أمام العديد من الاحتمالات السياسية الكثيرة..
الحل الذي يرضي جميع الأطراف السورية، هو الحل السياسي، الذي يستحدث تغييرات سياسية في النظام السياسي، ويفتح المجال للتغيير المنشود دون تخريب الوضع والأمن في سورية..
ولعل من أهم الاحتمالات السياسية التي يثيرها حادثة تحرير هذه الأراضي الحلبية، هو احتمال أن الأزمة السورية بالإمكان الانتهاء منها بالقوة العسكرية..
وفي تقديرنا أن الأزمة السورية بكل فصولها وقضاياها، لا يمكن الانتهاء منها بالقوة العسكرية..
صحيح أن تحرير حلب وإخراجها من سيطرة المعارضة السورية، هو بداية لتحول سياسي كبير ستشهده الأزمة السورية، ولكن هذا التحول لن ينهي الأزمة السورية. صحيح أن تحرير حلب، سيجعل من النظام السياسي في سورية هو صاحب اليد العليا في أحداث سورية.. ولكن اليد العليا لا تساوي قرب القدرة على حسم كل الأمور بالقوة العسكرية..
لذلك فإننا نعتقد أن تحرير بعض المناطق، وإنهاء سيطرة قوى المعارضة المسلحة عن بعض المناطق حتى ولو كانت حيوية، فإن هذا التحول السريع والكبير في آن، لن ينهي الأزمة السورية.. وإن إخراج المعارضة السورية من بعض المناطق، لا يساوي أن آفاق الحل السياسي بدأت بالنضوج..
لذلك فإننا نرى أن العمل العسكري بكل مستوياته، لن ينهي الأزمة السورية.. وإن المطلوب لوقف نزيف الدم في سورية، هو بلورة الحل السياسي الذي يقنع كل الأطراف بوقف نزيف الدم، والانخراط في مشروع الحل السياسي..
الأزمة السورية ليست بسيطة، وإنما هي معقدة ومتداخلة.. ونعتقد أن الحل العسكري يزيد من الدماء المسفوكة في سورية..
وإن الحل الذي يرضي جميع الأطراف السورية، هو الحل السياسي، الذي يستحدث تغييرات سياسية في النظام السياسي، ويفتح المجال للتغيير المنشود دون تخريب الوضع والأمن في سورية..
فلا حل لسورية إلا الحل السياسي، الذي يوقف نزيف الدم، وبناء توافقات اجتماعية وسياسية للقطع مع تأثيرات الخمس سنوات من القت وسفك الدماء من جميع الأطراف..
وإن هذا الحل السياسي يتطلب أن يسعى لبناء مستوى من مستويات الثقة بين جميع الأطراف، حتى يتمكن الجميع من الانخراط في الحلول السياسية.. دون ذلك ستبقى الأزمة السورية تنزف دماً كبيراً من الجميع..
الحلول العسكرية تزيد من الدم السوري المسفوك، دون القدرة على الوصول إلى حلول مرضية لجميع الأطراف..
لذلك فإننا نرى أن الحل السياسي الشامل، هو الحل الذي يناسب الأزمة السورية، ويخرج الشعب السوري من القتل والاقتتال.. ولا نرى حلاً ممكناً للأزمة السورية إلا الحل السياسي الذي يعني :
اقتناع الجميع بأهمية التغييرات والتجديد في النظام السياسي، والأوضاع السياسية، بحيث يشعر الجميع أن هذا التغيير مرضي لجميع الأطراف..
وقف خيار نزيف الدم، وإخراج جميع الأطراف الأجنبية التي تقاتل في الأراضي السورية..
الحوارات المباشرة بين جميع الأطراف السورية، للاتفاق على التفاصيل، والانخراط في مستلزمات الحل السياسي الذي يقنع جميع الأطراف..
إعطاء الحرية لجميع الأطراف للتعبير عن ذاتها على قاعدة الوحدة الوطنية في سورية.. لأن تقسيم سورية سيحول كل المنطقة إلى كرة نار ملتهبة وقد تحرق الجميع..
لذلك صيانة الوحدة الوطنية في سورية، لن تتم إلا بالحرية التي توفر لجميع الأطراف القدرة على ممارستها على قاعدة صيانة الوحدة، وتعزيزها بالمزيد من الحرية المسؤولة..
هذه بعض أفكار وخطوات الحل السياسي القادر على وقف نزيف الدم، واستمرار الاقتتال في سورية.. صحيح أن هذا الحل، لن يرضي كل الحالمين في سورية، سواء من المعارضة أو الحكومة السورية..
فما جرى في سورية كبير، ولا يمكن التعامل مع سورية وكأن شيئاً لم يحدث..
فلا حل عسكرياً بيد كل الأطراف لإنهاء الأزمة السورية.. قد تدمر قرية، أو مدينة، وتقتل كل سكانها، ولكنك لن تتمكن من إسقاط الحكومة السورية بالقوة العسكرية، ولن تتمكن من إنهاء كل قوى المعارضة السورية بالقوة العسكرية أيضاً..
الحل السياسي هو المتاح والممكن لكل السوريين.. لذلك يجب أن لا تندفع الحكومة السورية بفعل التحولات السياسية والميدانية الكبرى في حلب، إلى الاقتناع بأن الحل العسكري هو الحل الممكن والمتاح..
كما أن المعارضة المسلحة مهما كانت المساعدات والدم الذي يقدم إليهم، إلا أن القبول بالحل العسكري كحل للأزمة السورية، سيدمر كل قوى المعارضة..
فالحل المتاح في سورية هو الحل السياسي.. وهذا الحل بحاجة إلى إنضاج من قبل جميع الأطراف..
ودون هذا الحل، سيستمر السوريون في تدمير أنفسهم، وبلدهم بالقتل والتدمير..
وأحسب أن كل الدول العربية معنية بالترويج لهذه المسألة، لتخليص الشعب السوري من أتون القتل والتدمير..
وعليه فإننا نرى أن وقوع غالبية مناطق مدينة حلب بيد الحكومة السورية، سيؤدي إلى احتمالات سياسية وميدانية عديدة لصالح الحكومة السورية.. ولكن التعويل على هذه الاحتمالات والدفع باتجاه الحلول العسكرية، لن يوصل إلى نتائج إيجابية بحق الملف السوري.. لأنها ستزيد من الاقتتال السوري دون القدرة على معالجة الأزمة السورية من جذورها..
لذلك نعتقد أن لا حل حقيقياً في سورية إلا الحل السياسي.. وندعو كافة الأطراف إلى الالتزام بهذا الخيار لوقف النزيف الدموي في سورية، والانشغال بالبناء والعمران في سورية.. وإن تخليص الشعب السوري من القتل والاقتتال، هو الحل الممكن الذي يحظى بتشجيع ودعم من كل الأطراف..
ونتطلع إلى ذلك اليوم الذي يتخلص الشعب السوري من الحرب، وعمليات القتل والاقتتال، لصالح السلام وبناء العدالة لكل تعبيرات الشعب السوري..
الرياض