إن أحببنا أن ننظر إلى الحياة من الجانب الجميل والمشرق، فيجب أن نحمل بداخلنا إيمانًا وطاعة لله – سبحانه وتعالى – وأن تكون لدينا إرادة قوية تنطلق بقناعة ورضًا بما قسمه الله لنا من نعم وأن تكون محبة الخير للآخرين وإدخال الفرح والسرور إلى قلوبهم هي محور حركتنا مما يتيح استقرارًا روحيًا وعاطفيًا وطمأنينة وراحة في النفس، وهي مبادئ عقائدية وقيم إنسانية أكد عليها ديننا الإسلامي الحنيف.
السعادة التي هي عنوان حديثنا المتواضع بمفهومها الواسع والمتعدد والصعب غالبًا تختلف فيها الأهداف من شخص لآخر ومن شعب إلى شعب فيما تحتاجه من متطلبات أساسية وأهداف للحياة العامة والخاصة محددة وقابلة للتحقيق.
فمنهم من يرى السعادة بمنظار مختلف تمامًا عما جاد به العلماء والفلاسفة القدماء والمعاصرون فأرسطو العالم والفيلسوف اليوناني على سبيل المثال أوضح أن السعادة تعتمد علينا نحن مادام أنها على حسب تعريفنا هي فاعلية ما للنفس مسيرة بالفضيلة الكاملة مما يجب علينا أن ندرس الفضيلة وسيكون هذا وسيلة عاجلة لتجديد فهم السعادة ذاتها ويذكر الفيلسوف جون كراكور أن السعادة الحقيقية تكمن في المشاركة، وكذلك العالم تشاولز سيورجون يقول: إن السعادة ليست بمقدار ما نملك من الأشياء بل بمقدار ما نستمتع به في حياتنا بما نملكه، وكما هو الحال يذكر جاك كاتفيلد أن السعادة تعتمد على نوعية أفكارك.
وهناك العديد ممن اختلفت المفاهيم لديهم باختلاف وجهات نظر أصحابها؛ ومنهم رجال دين وأدباء فنجيب محفوظ يقول: لا سعادة بلا كرامة ويرى الشيخ الطنطاوي أن السعادة ليست بالأموال ولا القصور ولكن بسعادة القلب وأن أقرب سعادة القلب أن تدخل السعادة على قلوب الناس، كما أن للعالم والفيلسوف باولو كويلو قول مهم: “شيئان يحرماننا من السعادة؛ العيش في الماضي ومراقبة الآخرين”، أما العالم الفيلسوف المعروف الفارابي عالم الطب، فإحدى نظرياته حول مفهوم السعادة أنه يعتبر السعادة غاية في ذاتها ما دامت تطلب لذاتها بعيدًا عن أي مصلحة، فالسعادة عند الفارابي لا ترتبط بإشباع لذة بدنية؛ لأن هذا كما يقول هو فعل مشترك مع الحيوان – أعزكم الله – لذا يصبح الفعل العقلي التأملي هو ما يميز الإنسان فالسعادة والقول على ذمة العالم الفارابي، هي لذة عقلية وليست حسية، لكن دائمًا هو يتساءل؛ كيف تحصل هذه السعادة ما دامت غير متوفرة في عالم الحس والإحساس؟ فنحن لا نولد سعداء، والقول ما زال للفارابي، وإنما نصبح نكتسب السعادة بممارسة التفكير والتأمل والاحتكام إلى المنطق لأن السعادة لا تحدث إلا بجودة التمييز بين الصواب والخطأ والصحيح والسقيم.
ولا بأس أن نذكر ما يراه البعض أن السعادة في المال والثراء ومنهم من يعتقد أن السعادة في كثرة الأولاد والأحفاد أو أن تكون له وجاهة في المجتمع أو بتبوء أعلى المناصب ويظن البعض، الآخر أنها في أن يتزوج امرأة ذات مال وجمال ودلال، ومنهم من يرجح القول وهو الأقرب؛ أن السعادة شعور داخلي يحسه الإنسان بين جوانبه يتمثل في سكينة النفس وانشراح الصدر وراحة البال والضمير، نتيجة لاستقامة السلوك الظاهر والباطن المدفوع بقوة الإيمان.
نختتم بأحسن القول عن السعادة ومفهومها الحقيقي والصائب بقواعد السعادة السبع كما جاء على لسان إمام الفصحاء وسيد البلغاء والعظماء مولانا أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام):
1- لا تكره أحدًا مهما أخطأ في حقك.
2- لا تقلق أبدًا مهما بلغت الهموم.
3- عش في بساطة مهما علا شأنك.
4- توقع خيرًا مهما كثر البلاء.
5- أعط كثيرًا ولو حرمت.
6- ابتسم ولو القلب يقطر دمًا.
7- لا تقطع دعاءك لأخيك المسلم بظهر الغيب.
والقول المأثور عنه (عليه السلام): “ثلاث من حافظ عليها سعد، إذا ظهرت عليك نعمة فاحمد الله، وإذا أبطأ عنك الرزق فاستغفر الله، وإذا أصابتك شدة فأكثر قول: “لا حول ولا قوة إلا بالله”.