الطلاق أو الخُلع والتطفل

الزوجان شريكان، وكل شراكة محفوفة بالمخاطر وإن تباينت نسبها، سواء الزوجية، أو التجارية، أو شراكة نبع، أو أخرى، ولا ضمانات ببقائها غير معرضة للخلافات إلا من رحم ربي.

في الحالة الزوجية تبدأ المشكلة، تصل إلى نفق مظلم يعجز الزوجان عن حلها، يُتخلص منها بطلاق أو خُلع، بعدها، يأتي دور أفراد دخلاء من المجتمع بتتبع أسبابها وأسرارها، منهم من يحرص وبشدة على أن يعرف أسباب الطلاق أو الخُلع وبمختلف الطرق للحصول على معلومة يعتبرها سبق إنجاز وهو غير معني بها عند حصوله عليها، قد تكون صادقة أو كاذبة أو خليط منهما.

يعود المتربص الفضولي المتطفل بما جمعه وأكثره بهتانًا وزورًا ويتحدث به في المجالس وبين رفقته، وإن كانت صحتها بائنة، هو يدخل أسبابًا من عنده، البعض لا يكتفي بما سمعه، بل يتصل بأطرافها، تأتي المرأة للمرأة وتسألها بإلحاح عن سبب خُلعها أو طلاقها، موحية أنها متعاطفة معها لِمَا أُصِيبت به، وتستدرجها بالحديث، ومهما تجيبها لا تصدق لها قولًا، تطلب المزيد، وكأنها محقق جهة رسمية في جريمة كبرى يراد كشف ملابساتها.

اتق الله يا امرأة، هذه مطلقة أو طالبة خُلع من زوجها، يكفيها ما فيها وما عانته وتعانيه، عانت الأمرين وسُلب شبابها وضاع دون عوض، ويمكن طليقها يمتلك الفراسة في الكلام فيوحي به إلى الآخرين أنها السبب فيما جرى، وأنه عانى منها، وأنها سيئة خلق وأنها وأنها… مع محنتها، أساء لسمعتها، وقد يكون العكس صحيحًا.

وأحيانًا لها منه أولاد إن أخذتهم جاعوا وإن أخدهم ضاعوا، وقلبها ليلًا ونهارًا يعتصر ألمًا عليهم، جراحها تنزف دمًا وأنتِ تشعليهم نارًا، أمر لا يعنيكِ في شيء لا فائدة لكِ من تتبعه، أترضين لبنتك أو أختك تكون مطلقة أو يتناقل أسرارَها الآخرون؟

كذلك حال الرجل، يكفي أنه في حالة الطلاق خسر زوجةً وأموالًا غير معوضة، وإذا كان عنده منها أولاد أصبحوا أيتامًا من أب أو أم، والبيت اختل توازنه بما حصل وكل الطرق مغلقة في وجهه، وربما أحواله ألمادية متردية، إن بحث عن شريكة من الصعوبة الحصول عليها، وإن حصلت كيف تعاملها مع أولاده إن كانوا عنده؟ وأنتم تعزفون على الأوتار وتتمايلون فرحًا على جراح دامية.

أوَ تأمنون أن لا يصيبكم ما أصابهم؟ لماذا تحاولون كشف أسرار الآخرين والتجسس عليهم وبثها للغير؟ وأكثرها أكاذيب وزيادات لم ينزل بها من سلطان (مجلس نساء أو رجال، الكل يحمل سببًا عن طلاق فلانة أو خُلع فلان مختلف عن الآخر، مَن الصادق؟ لا أحد، الحقيقة مغيبة أو غائبة).

إنه عيب ومحرم وفيه الغيبة والبهتان والنميمة وهي كبائر، حطب جهنم أنتم من احتطبه، أترضون للآخرين أن يبوحوا بأسراركم أو يفتشوا عنها؟ يجب أن لا تُترك لكم فُرصَ التدخل وأن تُردوا على أعقابكم خاسئين ولو بالقوة.

إذا كان المتضايق من أمركم رجلًا عليه أن يثبت رجولته وبقوة ليمنعكم، وإن كانت امرأة وترى في نفسها ضعفًا لردِكم، تستعين بمن يردكم صاغرين، أنتم شياطين الإنس، ظاهركم حسن، باطنكم عفن، إذا ثبت أن أحدًا أساء لسمعته (سمعتها) فمن حقه شرعًا وقانونًا رفع دعوى عليه ومع الإثبات يعزر، وإن كان ما قال قذفًا يقام عليه الحد الشرعي.

على من يتعامل بهذه الطريقة أن يتنبه ويترك المكلومين وحالهم وشأنهم مع أسرارهم، حتى لا يتعرض للعقوبة.

نسأل الله عدم البلوى والستر على عباده.


error: المحتوي محمي