إنه يقرأ..!

قال الشاعر أحمد شوقي في قصيدته، التي جاءت بعنوان “المشرقانِ عليكَ ينتحبان”: دقات قلب المرء قائلة له… إن الحياة دقائق وثواني. إن الإنسان في خضم هذه الحياة، متعلم، يهفو للمعرفة بكل جديد، إثراء العقل، إشباع الذات، التجاذب، مع التطور المعرفي والتكنولوجي، الذي يزداد وهجًا على امتداد البصر، ليفوقه امتدادًا. وعليه فإن من -الضرورة بمكان-، أن يُتحلى بالرغبة اللا محدودة، سعيًا في التزود بالثقافة والمعرفة، ليبدو الوقت، كخيوط الشمس، تبث لمساتها على البسيطة، لتزهر.

إن كل ما تبصره الحدقتان في كنه ذاته، إشارات لا تخبو جدلًا عن التعلم، التعلم من خلال القراءة والاطلاع، ورقيًا، أو إلكترونيًا، كذلك ما نستفيده من تجارب الآخرين، حيث إنها -التجارب-، تمثل لغة لا مباشرة في التعلم، بكونها لغة ضمنية، تحتاج إلى ما يسمى مجازًا -تحليل محتوى-، لاقتطاف الاستفادة منها، إضافة إلى ما ينقل من كلمات، لأناس من المثقفين، أو الأدباء، الفلاسفة..، إلى آخر القائمة، التي يزدحم بها الفضاء الإلكتروني -الإنترنت-، بكونها عصارة حياة إنسان، ينقل ما احتوته دفتا حياته من التجربة والخبرة في بضع كلمات. تأتي المسافات بين يديه -الإنسان-، لينفض عن جانبيه، وأروقته غبار التبلد، ليشد الرحال باتجاه الشغف في الاطلاع والقراءة، وتطوير أدواته، وملكاته، مواهبه -إن وجدت-، ليصقلها، لا أن يكتفي بما يحتويه، ما يتمتع به. إذًا بالنتيجة إذا ما انحنى متبلدًا، مكتفيًا بما لديه، فإنه سيظل في مكانه، لن يتطور، سيبقى يعيد خطاه في لغته الكلاسيكية، ثقافته القديمة، مشاعره وأحاسيسه العتيقة.

إن قيمة الإنسان، تأتي في ما تكتنزه ذاته، وبما ينجزه على الصعيد الشخصي، وفي الأفق المتسع من أمامه. الأفكار، ليست البوصلة الأحادية اللون، التي تشبع الطموح، بعيدًا عن الثقافة، حيث إن الفكرة، تحتاج توأمها، تحتاج الثقافة، لتنضج -الفكرة-، لتجد النوافذ الصفاء، لتنجز، لترشفها الروح، ظهورًا، كطيف شفيف، يبهر النظار ارتشافه. إنه في إحدى الأيام، تحديدًا في كتابة تحقيق صحفي مشترك، مع إحدى الزميلات، وقبل البداية فيه، طلبت منها قراءة مواضيع لها صلة بالفكرة المراد الكتابة عنها، لتسأل و-دهشة-، اعترتها عن السبب، لأجيب: وكيف يسعى الصحافي، لأن يكتب عن فكرة ما، ولا يمتلك ثقافة عنها، أيحمل الإنسان شيئًا، لا يعلم محتواه. إن الثقافة لها إيجابياتها، التي لا زوايا تحدها بخطوط، لتقف.

حقيقة، دائمًا يستخدم الفوتوغرافيون في محاضراتهم، ورش العمل ما يطلقون عليه “التغذية الراجعة”، بصريًا كانت، أم ثقافيًا، كمحتوى، أيضًا في الألوان الثقافية الأخرى والفنية، لا مناص من التغذية الراجعة. إنه في بعض المجتمعات، الفرد، يجعل القراءة أمرًا ملزمًا في حياته، يعيشه منذ نعومة أظفاره، في قاعة الانتظار، إنه يقرأ، على مقعد السيارة، إنه يقرأ، في الطيارة، إنه يقرأ، لا تفارقه الرغبة في الاطلاع والمعرفة، لأنه تربى عليها، أجادها صغيرًا، وأينعت ثمارها مستقبلًا، خطاه. إن قنوات التواصل الاجتماعي -السوشيال ميديا-، محرك البحث “جوجل”، جعل الحصول على المعلومة، سهلًا، لحد السهولة وأكثر. الآن، سأقرأ…


error: المحتوي محمي