المجتمع السلبي

قد يعيش المجتمع حالة من الركود والاتكالية تحت مظلة “فرض كفاية” لذلك هناك من يتصدى للعمل التطوعي في الجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية.

الوهلة الأولى للجمعيات الخيرية أنها ديمقراطية حيث يتمثل مجلس الإدارة من خلال الانتخاب من قبل أغلب أعضاء الجمعية العمومية. وهذا يجعل من يترشح ومن يرشح الاثنين من المجتمع والكل يعرف الكل؛ لذلك لا داعي للسؤال عن المترشحين، وهنا تظهر الفزعة والقرابة والعائلة والعشيرة في غير محلها لتحل مكان الكفاءة والقدرة.. حيث الهدف هو العمل الخيري وليس الزواج!

خلونا نضرب مثالًا عن جمعية ما.. قبل 9 سنوات فاز مجلس إدارة وعمل واجتهد وثابر ونتج عن عمله عجز بمبلغ مليوني ريال للجمعية الخيرية. وبعد انقضاء مدتهم وعجزهم الكبير عن عملهم.. حاول البعض أن ينتقد أداء المجلس بسبب أخطاء وبعض الإهمال في العمل من بعض الأعضاء.. ورفع الصوت عاليًا لكي يسمع المجتمع وينتبه إلى أن هذا العجز كبيييير بالنسبة لجمعية خيرية.. إلا أن خوف المجتمع من النقد لهذه المجموعة قد يؤدي إلى عدم ترشح أشخاص جدد يخلفهم في إدارة الجمعية، فقام المجتمع على هؤلاء المنتقدين بدلًا من أن يحاسب أعضاء مجلس الإدارة.. وكانت كلماتهم: “الجمعية خط أحمر”؛ نعم نفهم الجمعية خط أحمر وليس أعضاء مجلس الإدارة خط أحمر.. وبعد ذلك سارت الأمور والمصيبة أغلب أعضاء المجلس السابق الحاصل على العجز (مليونين) ترشحوا وفازوا في الانتخابات التالية لأن المجتمع عاش فترة السلبية في الاختيار واشتغل هرمون الفزعة… وطبق القول: “عندما سكت أهل الحق عن الحق ظن أهل الباطل أنهم على حق”.

ونتيجة لاختيار نفس الأعضاء السابقين لمجلس الإدارة التالي نتج عنه عجز بمبلغ جديد مضاعف وهو أربعة ملايين وخمسمائة ألف ريال.. وللأسف تمت العملية في الترشح لمجلس إدارة لمرحلة ثالثة جديدة بنفس الطريقة السابقة.. الجمعية خط أحمر.. والأعضاء القدامى الذين حققوا 4500000 ريال ترشحوا من جديد والمجتمع عاش نفس السلبية وبنفس هرمون الفزعة وفاز ثلث المجلس الثالث بنفس الأشخاص السابقين، يا ترى كم سيبلغ مبلغ العجز الذي سوف نسمعه بعد انتهاء المجلس الحالي من مهامه…

والآن مازالت الأمور كما هي.. لا رقابة.. لا متابعة.. لا محاسبة.. لا رئيس تنفيذي للجمعية.. لا خطة عمل معلنة.. لا شفافية.. لا جدية بالعمل.. لا تعليق.


error: المحتوي محمي