منذ أن خلق الله الخلق ، يختار سبحانه وتعالى أنبياءه ورسله والصالحين والعلماء والفضلاء من عباده ومواهب أخرى تختارهم عنايته ، من بين جميع خلقه ويمنحهم مفاتيح من خزائنه ، في العلم والمعرفة و التفقه في الدين ويلهمهم ويهبهم ملكات ذات أعجاز و خصوصية تشبه الى حد كبير في مضامينها الرسائل الربانية الجليلة والعناية الرحيمة.
كما أنه تنعكس في صورهم وقلوبهم وأرواحهم جمال اﻷبداع اﻹلهي والكرم الرباني واللطف الخفي لجميع الكائنات والموجودات ، وهذه الملكات الخاصة ﻻ توجد في بقية البشر ، ولعلى أعظم المصاديق على أهمية دور العالم في اﻷرض قول رسولنا اﻷعظم نبينا محمد صل الله عليه وآله وسلم ( ما قبض الله عالمآ إﻻ كان ثغرة في اﻷسلام ﻻ تسد ) .
وفي رواية أخرى عن اﻹمام الصادق عليه السلام ( أذا مات العالم ثلم في اﻹسلام ثلمة ﻻ يسدها شيء إلى يوم القيامة ) لما يتركه رحيل العالم من شق شاسع بعد رحيله وهذه الحقيقة المؤكدة تنطبق تمامآ على العديد والعديد جدآ من علمائنا اﻷبرار قدست أرواحهم ومنهم فقيدنا الراحل العلامه والمربي واﻷب الحنون سماحة السيد صالح السيد سعيد آل نصيف قدس سره .
هذا العالم الجليل ومنذ أن تمنى ورغب بكل أخلاص وصدق للتوجه نحو طلب العلم والتفقه في الدين ، حينها شد على يديه والده الوجيه المرحوم السيد سعيد وأخده الى النجف اﻷشرف قبلة العلماء والفقهاء آن ذاك ، وأستمر في أخد العلوم واﻹستزادة من المعارف الكبرى رغم صعوبة الظروف وشدة الضيق على هذا النوع من العلوم الدينية والعقائدية وعندما عاد الى أرض الوطن لم يثنه ذلك من محاولة أخرى ﻹكمال مشواره العلمي والفقهي فسافر الى قم المقدسة وأتم علومه حتى أصبح بجهوده وتعبه من العلماء والمربين اﻷفاضل المتميزين وأحد أبرز من يقود الصلوات الخمس ويأتم بإمامته عدد كبير من المصلين كبارآ وصغارآ ، وللنهل من علمه وفقهه كما كان منزله مدرسة أخرى للراغبين والراغبات في تلقي الدروس والمحاضرات في العلوم الدينية والاجتماعية والتربوية وكسب المزيد من المعرفة لبعض المسائل الفقهية وغير ذلك ، لما تميز به هذا الشيخ الكريم من العلم والثقافة والمعرفة كما أختص بروح كبيرة وسعة صدر حيث يمازج بين الجد واللين والشدة مع روح من التسلية حتى ﻻ ينفر سائليه ورواد مجلسه .
كما عرف بين أهله وجيرانه ومن عرفه ، أصراره الكبير على إقامة المأتم الحسيني الخاص به في جميع مناسبات أهل البيت عليهم السلام في منزله المبارك بعد صلاة الفجر مباشرة ، حيث يكون اﻷنسان في أتم حالة من اﻹستيقاض الروحي واﻹنفتاح الفكري والحضور القلبي وهذه من أسمى أعمال الذكر التي أختص بها سماحته مما ناله هذا التشريف والتكريم من سيدة نساء
العالمين ، أن يكون يوم وفاته مع ذكرى أستشهادها سلام الله عليها .
فسلام على روحه وجسده وجمعه الله مع جده رسول الله وآل بيته الطيبين الطاهرين والفاتحة لروحه تسبقها الصلوات .