القديح.. العلوي في عشتار للمرة الثانية.. وملهمتها الأولى تبقى «علوية»

الألوان والأشغال والجمال.. أبجديات رائقة في ينبوع زهراء العلوي، الفنانة التشكيلية التي تلامس أناملها نقاوة الفن، فيظهر المنتج رونقًا من إبداع.

ولدت بين أروقة قرية القديح، يضمها دفء عائلة ديدنها الفن وألحان تنسج على سحائب الجمال، وترى من والديها أعمدة من ثقة بإبداعها، وكم أدهش مربيتها بالروضة كون طفلة في عمر الخامسة، رسمت الطاولة والكرسي بشكل صحيح بدون مساعدة!

وتتأمل “العلوي” بعينين كأنهما بركتا عسل، الجدة علوية السعيدي لتكون الملهمة الأولى لها في حياتها الفنية، وبمعنى أدق تقول “العلوي”: “ورثت الفن من جدتي علوية السعيدي التي يعرفها الكبير والصغير بـ”علوية”، والتي تخيط الملابس والعبادات وكيس المصاحف، ومن بقية أفراد العائلة أخذت من كل شخص اتجاهًا معينًا من الفن، مثل الخط ونقش الحناء والتنسيق والرسم بمختلف اتجاهاته”.

وتدخر “العلوي” من مصروفها منذ أن كانت في المرحلة الابتدائية، وعندما التحقت بالمتوسطة كانت تقوم بعمل أشغال ورسومات فنية للزميلات والمعلمات بمقابل مادي، وهذا الأمر ساعدها بشكل كبير في اقتناء الأدوات والخامات الفنية، كما تذكر فضل والدها الذي وفر لها الأدوات البسيطة المتعارف عليها، لكن لكونها تطلعت إلى أشياء أكبر وأكثر من المعتاد، لجأت حينها لجمع المصروف.

وتدرجت واعدة لتسير نحو العاصمة الرياض قاصدة جامعة الملك سعود، تحفزها للإبداع دكتورة من الجنسية المصرية تدعى نجيبة عبد الرزاق، كان لها عظيم الأثر في طريقها الفني، وتتخرج حاملة شهادة بكالوريوس فنون في عام 1421هـ، وتتخذ من دراستها الأكاديمية مهنة في وزارة التعليم لتغدو معلمة في التربية الفنية في سنتها التاسعة عشرة.

ولم يقتصر تدريسها وتدريبها على جنبات المدرسة، بل طرقت الدورات الخارجية، وفي ساحات الفنون وضعت بصمة بارزة، وكان لها مع تدريب فن الديكوباج حكاية طويلة من عشق وتفانٍ وتميز، وتدرب على يديها مجموعة من الفنانين التشكيليين والمهتمين بالفن بالمنطقة.

وهنا بالقطيف إبداع الفنانين أمسى لها ديوانًا من الإثراء والإلهام، فمن منير الحجي وعلي الصفار بتميزهما وحفاظهما على التراث في لوحاتهما ورسومهما، إلى زمان جاسم الذي تعجبها أعماله لأنها تحوي دائمًا خامات وأفكارًا جديدة، وهو ذو أسلوب متجدد، وأيضًا مهدية آل طالب في نشاطها الدائم وتنوع معارضها، وكذلك التشكيلية الملهمة سهير الجوهري.

وتقع في سحر “المكس ميديا” وتقول عنه بكل عشق: “فن جميل جدًا ويبرز حبي وعشقي لتوليف الخامات المختلفة، ميزة هذا الفن أنك تقدر أن تعمل لوحة من خامات مختلفة متوفرة حولك، وهو يبرز شخصيتك وأسلوبك، بحيث أي شخص يرى الأعمال يستطيع أن يعرف أنها تخصك، وهو عالم مجالاته كثيرة ومتعدد الخامات، وبالإمكان تطبيقه على لوحات أو صناديق أو كتب.. إلخ”.

تميزت “العلوي” في أعمالها ولوحاتها بدمج الخامات والتعتيق وميولها تراثية دائمًا، وقد شاركت في معارض جماعة الفن التشكيلي التابعة لوزارة التعليم، ولها أركان في عدة مهرجانات على مستوى المنطقة الشرقية، منها “صنعتي”، وتتطلع لعمل معرضها الخاص قريبًا.

وتشعر الفنانة، بحسب وصفها، بالسعادة عندما ترى متدرباتها وطالباتها يبدعن ويتميزن بعد الالتحاق معها في الدورات المختلفة، كما تشعر بالألم عندما تتناقش مع أشخاص مثقفين في مجالات عدة، ومع ذلك نظرتهم للفن بأنه لا قيمة له، ويرونه “خربشة” ومضيعة للوقت والجهد والمال.

وتتمنى أن تجد بين المناهج الدراسية دروسًا للاستهلاك وإعادة التدوير واستخدام خامات البيئة الطبيعية أو المستهلكة.

وعن طموحاتها، أرسلت أمنية أن يكون لها بصمة مميزة ومعروفة في سلك التعليم ومجالات الفن المختلفة.

وحاليًا انطلقت الفنانة زهراء العلوي في رحلتها الدولية الفنية الثانية لمدينة بيروت، حيث تشارك في مهرجان عشتار السادس المقام في الفترة من 8 نوفمبر 2018 إلى 13 منه، حاملة لوحاتها التراثية وأهدت إحداها لسفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري، وقوبلت بالتكريم بالشهادات والدروع التذكارية، لتعود بالفخر بأنها مثلت المملكة بفنها ووطنيتها وأبجديات عطائها.


error: المحتوي محمي