إن من يحملون في قلوبهم خزائن الماضي ويتجولون بها خلف ألسنتهم ويُبحِرون بها في تفاصيل حياتهم، هم في الحقيقة لا يهدأون ولا في قرار أنفسهم يستقرون!
تجدهم دائمًا مُنزعجين، تجدهم دائمًا مُنغَلِقين، تجدهم رغم الابتسامة يَتذمرون وحظوظهم يَندُبون!
يشكون الماضي تكرارًا ومرارًا، يُذكرون أنفسهم بما مضى يُظهرون مظلوميتهم لمن بقى!
ليتهم يعلمون أن ذاك يُتعبهم وإلى أرض الأحقاد يأْخذهم، ليتهم يُدرِكون أن ذلك يُنقصهم وفي بئر الظلام يُسقطهم!
ورغم كل أَحمالهم.. أَحقادهم.. سَلبياتهم يُخبروك بأن قلوبهم صفاء وعروشها رغم القسوة بيضاء!
لكنهم لا يمنحون عذرًا و لا يُسامحون خفاءً و لا ينسون أمرًا!
هم في الواقع دون ذلك لأن القلوب الصافية تمنحُ أصحابها العطاء وتُلبسهم ثوب النقاء وتطرد منهم فِتنُ الأهواء وتبعدُ عنهم ماضي العناء، تمنحهم مرونةً رائعة وتعطيهم رحمةً واسعة!
نحن لا نَخلوا من العيوب ولا نبرئ أنفسنا من خطرات الظنون لكن العيب لا يكون عيبًا إلا حينما يُعرفُ عند صاحبه!
فَعرفوا بعضكم البعض بِعيوبكم بذوق الكلمة وبمحبة القلوب وبِلين المعاملة، رحم الله من أهدى إلي عيوبي!
فإن عُرف عند صاحبه ولم يُحرك طرفه ولم يغير مواطن إقامته فقد ألزم نفسه بما لا يُلزم وحمل على عَاتقهِ ثقل عيبه!
لا تتعلقوا بظلام الماضي ولا تنسجوا وهنه في قلوبكم، أخرجوا منه حكمته وترفعوا عن زلته ولا تتمسكوا بعروته!
فالله يعلم أين وضعكم!