ليس غريبًا أن ترى قططًا تتجمع على أكياس من النايلون الأسود وتحاول أن تمزقها لعلها تحصل على شيء يسد رمق جوعها، ولكن الغريب أن تراها تتعارك وتمزق أكياسًا فيها رائحة العفن وتتطاير منها أوراق وقراطيس بالية ومتعفنة.
اقترب الرجل من القطط، وعاين الأوراق المتطايرة فوقعت عيناه على ورقه تحتوي على سطور………. فالتقطها؛ وقرأ الأتي:
نحن زملاء وأصحاب من الصغر، نشأنا وتربينا في حارة واحدة، ودرسنا، وتخرجنا واشتغلنا في شركة واحدة.. خدمنا في الشركة لأكثر من ثلاثين سنة وآخر ترقية كانت قبل عشرين سنة ولم تتغير ولم نحصل على ترقيات جديدة، فقرر كل منا الدخول على حدة على رئيسه المباشر……
دخل الأول طالبًا من رئيسه الحصول على ترقية جديدة، فأدلى بدلوه وقال ما بخاطره……..، فقال له الرئيس: أنت من الموظفين المميزين… و… و…، ولكن ليس لديك مشاركات في مؤتمرات وورش عمل محلية ودولية والتي تؤهلك للحصول على الدرجة التالية، فخرج ولم يحصل على ما يريد.
ودخل الثاني الذي له مشاركات وأوراق عمل في مؤتمرات محلية ودولية، فأدلى بدلوه…… فقال له الرئيس: أنت من أميز الموظفين، و… و… و…، ولكنك لا تحمل منصبًا إداريًا لكي تحصل على درجه أخرى، فخرج ولم يحصل على ما يريد.
قرر الرجل أن يستفيد من هذه القصة، وأخد يقيس ما قرأه على نفسه، وحيث إنه له باع طويل وخبرة في الشركة وله منصب إداري ومشاركات محلية ودولية فيما يخص طبيعة عمله، فأحب أن يستفيد من هذا القرطاس، وعزم الدخول على رئيسه المباشر في الشركة التي يعمل لديها لعله يحصل على ترقية جديدة…
فدخل وأدلى بدلوه إلى رئيسه………..، مدح الرئيس موظفه بأفضل العبارات وأنه من أفضل الموظفين من حيث الإدارة وأداء العمل والمشاركات المحلية والدولية في أواراق عمل… و…. و… إلخ، ولكنه رفض إعطائه ترقية لأنه لا يفي بالمتطلبات، فقال له: “وما هي الشروط والمتطلبات التي يجب أن تطبق لكي أحصل على الترقية التالية أو على أقل تقدير أعرفها لكي أطبقها ويكون لي نصيب في السنة المقبلة، فكرر عليه نفس العبارات: “لا تفي بالمتطلبات”.
خرج الموظف دون حصوله حتى على وعود، ولكن إخلاص الرجل في عمله، ظل يشتغل بنفس الوتيرة ولم يغير في أدائه الوظيفي وبدون كلل أو ملل كعادته، ووصل إلى بيته بعد نهاية الدوام اليومي، فرأى مجموعة من القطط وكعادتها تمزق أكياس النايلون لعلها تحصل على شيء من الطعام….
صرخ في وجهها بأن تخرج له قرطاسًا يحتوي على عفونة أكثر من السابق لعله يستفيد منه في إيجاد دواء لتلك العقول المتعفنة كما استفاد العالم الإسكتلندي اليكسندر فلمنج عام 1928م في اكتشاف وصناعة البنسلين من العفن.