من هو المثقف؟

هناك غلط في المفهوم، شتان بين هذا وذاك كالفرق بين الليل والنهار، الكثير منا يعتقد أن الإنسان المثقف هو من يمتلك شهادة العلمية أو وظيفة أو مركز اجتماعي أو رجل أعمال أنعم الله عليه من خيره، وهذا خلط في الفكر.

إن المثقف اصطلاحًا بنظرة شمولية هو اسم يُقال أو يطلق على الشخص الذي يستخدم الذكاء والتفكير النقدي في التفكير لحل مشاكل مجتمعه وتنميته، المثقف هو الواعي بشكل كبير بمشاكل مجتمعه ويحاول أن يبتكر أفكارًا وحلولًا لمشاكل مجتمعه بشكل عام، وفي محصلته قدر كبير من الثقافة والمعرفة فى الفن والآداب وغيرها.

إن المثقفين يعتبرون من نخبة المجتمع وصفوته، والمجتمع الواعي هو من يبحث عن الاستفادة عن النخبة أصحاب النظرة الشمولية، مثلما يبحث عن الطبيب القادر على تشخيص مرض ما يعاني منه أحد المرضى، فيسأل ويبحث وعندما يصل لنتيجة أن هذا الطبيب صاحب إمكانية وملم بعمله، سوف يذهب له صاحب المرض.

هكذا تمامًا، فإذا أراد الإنسان الاستفادة أو التميز لمجتمعه، فليبحث عن المثقف كبحثه عن طبيب عندما يصاب بوعكة صحية على سبيل المثال وليس الحصر، فإن الإنسان منا يسأل: هل هذا الطبيب متمكن من عمله؟ وهل يستطيع تشخيص الحالة المرضية أم لا؟ هكذا هم المثقفون أيضًا.

إن الإنسان بحاجة للمثقف في بناء مجتمعه كحاجته للماء والهواء، قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ: “يَا بُنَيَّ، زَاحِمِ الْعُلَمَاءَ بِرُكْبَتَيْكَ، وَلا تُجَادِلْهُمْ فَيَمْقُتُوكَ، وَخُذْ مِنَ الدُّنْيَا بَلاغًا، وَلا تَدْخُلْ فِيهَا دُخُولا يَضُرُّ بِآخِرَتِكَ، وَلا تَرْفُضْهَا فَتَصِيرُ عِيَالا عَلَى النَّاسِ، وَصُمْ صَوْمًا يَقْطَعُ شَهْوَتَكَ، وَلا تَصُمْ صَوْمًا يَمْنَعُكَ عَنِ الصَّلاةِ، فَإِنَّ الصَّلاةَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الصِّيَامِ”.

هؤلاء هم العلماء المثقفون، هناك أناس ممن يظنون أنفسهم مثقفين كونه حفظ كم كلمة أو قرأ بعضًا من الكتاب أو كتب بعض المقالات هنا وهناك، ولكنه فقير من المعرفة والثقافة، إنّ بذور العقول في حاجة إلى الأدب كما يظمأ الزّرع إلى المطر.

ليس المثقف هو من قرأ أو حفظ بعض الشيء، المثقف سبق وأن تحدثنا عنه في أول المقال، هو من يستخدم ذكاءه وتفكيره لتنمية مجتمعه، وعندما يحترم المجتمع مثقفيه عندها سوف يصبح مجتمعًا متحضرًا، فسوف يكون ذا قيمة وعندها سيحترمه الجميع.


error: المحتوي محمي