الرسول الأكرم (ص).. الشخصية المُلْهِمَة

قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ (الجمعة: 2).

في معركة الخندق وبينما المهاجرون والأنصار يحفرون إذ عرض لهم جبل لم تعمل فيه المعاول، فبعثوا جابر بن عبداللّه الأنصاري إلى رسول اللّه (ص) يعلمه بذلك.
قال جابر: “فجئت إلى رسول اللّه (ص) وقد شدّ على بطنه حجر المجاعة وأخبرته بالخبر”.
فأقبل (ص) ودعا بماء في إناء فشرب منه ثم مجّ ذلك الماء في فيه ثم صبه على ذلك الحجر ثم أخذ معولًا فقال: “بسم اللّه فضرب ضربة فبرقت برقة فنظرنا فيها إلى قصور الشام ثم ضرب اُخرى فبرقت برقة فنظرنا فيها إلى قصور المدائن ثم ضرب اُخرى فبرقت برقة أخرى فنظرنا فيها إلى قصور اليمن”.
فقال رسول اللّه (ص): “أما أنه سيفتح اللّه عليكم هذه المواطن التي برقت فيها البرقة ثم انهال علينا الجبل كما ينهال الرمل” (1).

نعم هكذا كان رسول الله (ص) شخصية مُلْهِمَة حيث نجده يساهم في نجاح الآخرين ويستطيع بكل سهولة التخفيف من الضغط النفسي ويعمل على بث روح المحبة والطاقة الإيجابية والتفاؤل في الحياة ويبعد كل ما من شأنه أن يؤثر سلبًا على الجميع.

فلكي تكون شخصية مُلْهِمَة متأسيًا برسول الله (ص) عليك أن تتصف بما يلي:
كن محفزًا للأخرين:
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران: 200).

ابعث في نفوسهم الهمم والإصرار على النجاح، وأشعل في قلوبهم حب العمل والتفاني فيه وكن كريمًا في توزيع جرعات التحفيز والإقدام على العمل.

عندما تكون محفزًا فأنت تساهم في إعطاء الإنسان الطاقة الإيجابية لمواصلة الإنجاز سواء في البيت أو العمل والوصول للأهداف المنشودة لتحصدوا نتائج مذهلة.
وتذكر أن التحفيز لابد أن يكون مستمرًا لتبقى شعلة النشاط متقدة في نفوسهم.

بعث الأمل الإيجابي
قال تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين﴾َ (سورة آل عمران: آية 139)
عندما تقرأ هذه الآية تجدها تشع أملًا وتفاؤلًا، فلا يبقى لليأس والتشاؤم مكان في نفس الإنسان فما إن يقرأها الإنسان حتى تشحنه بكل المعاني الإيجابية بزرع الأمل في نفسه بأن القادم أفضل.
وهكذا هم الملهمون فهم يزرعون الأمل في قلوب الآخرين ويتركون بصمة إيجابية تنير لهم الطريق ويمنحونهم معنويات عالية تحقق أهدافهم.

القدرة على ابتكار الحلول
يتصف الشخص الملهم بأنه ذو ذكاء وعقلية مبدعة لدية دائمًا حلول بديلة وأكثر من احتمال ويستطيع تقديمها لك ووصفها بكل سهولة ودقة كما يستطيع أن يقدم حلولًا إبداعية في جميع الاتجاهات ولديه فكر منطقي فعال يساهم في حل المشكلة من جذورها كما لديه القدرة على إقناع الآخرين بالآراء والحلول المقدمة.

مهارات التواصل الفعال
يتمتع الشخص الملهم بأن لديه مهارات التواصل الفعال فتكون الكلمة المُلْهِمَة لها أثرها في بث الفاعليه والنشاط في النفوس كما كانت كلمة الرسول الأعظم (ص): “إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير” (2) فكانوا يشعرون بعذوبة وحلاوة الكلمة الرسالية ويستمتعون بالاستماع إليه.

البسمة وحسن البشر
البسمة تبث الراحة في النفوس وقد كان رسول الله (ص) “دائم البشر” و”بسامًا من غير ضحك” فالابتسامة هي من أفضل الوسائل للبرهنة عن محبتنا للآخرين ومن أجمل التعابير عنها، والابتسامة هي كشعاع الشمس الذي نرسله للآخرين، وتقرب المسافات وتبث الأمل والرجاء للآخرين.

حسن الإصغاء للآخرين يشعر الطرف الآخر بأهميته، وقد كان رسول الله (ص) يصغي بكل كيانه للآخرين؛ فقد روى أبو داوود عن أنس أنه قال: “مَا رَأَيْتُ رَجُلًا الْتَقَمَ أُذُنَ رَسُولِ اللَّهِ فَيُنَحِّي رَأْسَهُ، حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يُنَحِّي رَأَسَهُ، وَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَخَذَ بِيَدِهِ فَتَرَكَ يَدَهُ، حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَدَعُ يَدَهُ” (3) “وكان رسول الله (ص) يقسم لحظاته بين أصحابه فينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية”.

كن ملهمًا
كن ملهمًا لمن حولك وساهم في بعث الحياة وازرع الأمل في نفوسهم وأن تكون مباركًا كما في قوله تعالى : ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ﴾ (مريم: 31).

اجعل حضورك في أي محفل له أثره الفعال الذي يضفي نوعًا من البهجة والحيوية في ذلك المحفل.. وكما يقول أحدهم: “عندما تكون في أفضل حالاتك، حاول أن تساعد أولئك الذين في أسوأ حالاتهم” فلا تبخل بكلمة طيبة تعيد الحياة والسعادة لمن حولك… وكن ملهمًا.

الهوامش:
1/ (ولأول مرّة في تاريخ العالم) لمؤلفه سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى الإمام الشيرازي (أعلى الله درجاته).
2/ الرسول الأكرم مدرسة الأخلاق، ص 52 للسيد حسن مرتضى القزويني.
3/ سنن أبى داوود، كتاب الأدب، باب في حسن العشرة، ج5، ص273، حديث رقم 4794.


error: المحتوي محمي