من وحي المناسبة في ذكرى وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم)…
لما افتتح رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) مكة المكرمة ضربت إليه وفود العرب من كل حدب وصوب فدخلوا في دين الله أفواجًا، حيث وفد عليه في العام التاسع من الهجرة أكثر من سبعين وفدًا، كلهم ملبين قبول الدعوة المحمدية ومنهم من دخل الإسلام طائعين غير مكرهين ومن هولاء قبيلة عبد القيس التي تمثل بلاد البحرين وما حولها والتي تعتبر ثاني منطقة تدخل الإسلام بعد المدينة المنورة.
وتعود قصة بدء إسلام عبد القيس إلى ما قبل الهجرة، وهي أن المنذر بن عائد الملقب بالأشج كان ملازمًا لراهب مسيحي نسطوري يسكن في دارين/ جزيرة تاروت؛ فأخبره أن نبيًا يخرج بمكة وبين كتفيه علامات النبوة فانتظر ذلك اليوم الموعود، وعندما خرج النبي وبدأ بالدعوة وسمع به، أرسل الأشج ابن أخته عمرو بن عبد القيس كي يتقصى الخبر، وهذه هي الوفادة الأولى، والتي قال عنها النبي لأصحابه: “سيطلع عليكم من هاهنا ركب هم خير أهل المشرق…. الحديث”، حتى قدم عليه ونظر ما بين كتفيه وأكرم النبي ضيافتهم ودعاهم للإسلام وأمره بنقل الدعوة إلى الأشج في البحرين والتي تعتبر باكورة دخول الإسلام في أرض البحرين وتوابعها، وبعض الرويات تقول إن الأشج كان من ضمن الوفادة الأولى التي تتكون من 13 رجلًا.
وقد بعث النبي العلاء بن الحضرمي في السنة الثامنة وقبل فتح مكة إلى المنذر بن ساوى العبدي الوالي في المنطقة من قبل الفرس للترغيب في الدين الإسلامي وتعليم أحكامه.
وبعد فتح مكة في السنة الثامنة أرسلت عبد القيس وفادتها الثانية في السنة التاسعة والتي تسمى سنة الوفود إلى المدينة لمقابلة الرسول وتقديم البيعة بقيادة الأشج المنذر بن عائد والجارود بن المعلى العبدي وشخصيات بحرانية تتكون من 40 رجلًا والتي قال فيها الرسول (ص): “اللهم اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير مكرهين… الحديث”.
الشيء المعلوم هو أن قليلًا من الوفود يحمل الديانة النصرانية: كوفد قبيلة طيئ، ووفد تغلب، ووفد نجران، ووفد عبد القيس حيث إن قبيلة عبد القيس كانت تدين بالمسيحية النسطورية قبل أن تعتنق الإسلام، والتي كانت منتشرة في إقليم البحرين التاريخي من حدود البصرة شمالًا حتى حدود عمان جنوبًا على الخليج العربي والذي جعلها مهيأة إلى الدخول في الإسلام والذي ميزها عن باقي الوفود والقبائل.
حيث يعتقدون أن المسيح (عليه السلام) يتكون من طبيعتين: جوهر إلهي وهي الكلمة، وجوهر إنساني بشري وهي اليسوع نفسه مخلوق لا يختلف عن أي بشر وأن أمه مريم (عليها السلام) ليست والدة الإله، وأنه لا يوجد اتحاد بين الطبيعتين بل مجرد صلة بين إنسان وهو المسيح نفسه والإله…
غير عقيدة الثالوث المسيحي التي تؤمن بأن الله يظهر في ثلاثة أقانيم “الله ثالوث: الأب هو الله، والابن هو الله، والروح القدس هو الله” والتي تشير إلى وحدة الكيان دون انفصال بعضها عن بعض في الجوهر أو الكينونة؛ فثلاثتهم يتمتعون بشراكة أبدية معًا كما أنهم يشتركون في الأزليه والمساواة وأنه لا يمكن القبول بأحد الأقانيم منفردًا بل يجب التسليم بهم جميعًا…
وحسب المعتقد الثالوثي فإن العلاقة بين الثالوث متكاملة “فبينما أرسل الأب الابن إلى العالم، تم ذلك بواسطة الروح القدس”..
عظّم الله أجوركم بوفاة نبي الرحمة محمد.. السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا محمد، السلام عليك يا صاحب السكينة، السلام على المدفون في المدينة، السلام على المنصور المؤيد السلام على أبي القاسم محمد ورحمة الله وبركاته.