هل يمكن أن تؤدي كثرة تناول المنشطات الرياضية أو البنائية دون استشارة طبية إلى اضطرابات سلوكية ونفسية، وفقدان الشهية وضعف جنسي، وأخيرًا إلى عدوان وهوس ثم انتحار؟
هذا ما أجاب عنه استشاري جراحة المخ والأعصاب في مجمع الدمام الطبي نبيل النغموش، الذي أكد أن المنشطات يمكن أن تؤدي إلى أعراض تشبه “الشيزوفرينيا”؛ انفصام في الشخصية، حيث تكون أعراضها أقل من ستة أشهر بينما “الشيزوفرينا” تطلق على المصاب بنفس الأعراض لمدة أكثر من ستة أشهر، وتختفي هذه الأعراض عند التوقف عن تناولها.
منشطات شائعة
ويبيّن النغموش لـ«القطيف اليوم» أن المنشطات أو المنبهات للجهاز العصبي المركزي شائعة لدى طلبة الجامعات، وسائقي الحافلات، ومنها “الأمفيتامين” ومشتقاته مثل “الكبتاجون”، وبعضها يستخدم في علاج بعض الأمراض مثل فرط الحركة، وعادة تكون الجرعة قليلة، لكن تناولها بكميات كبيرة سيؤدي إلى تأثير مباشر على الجهاز العصبي؛ حيث يقوم بتغير في الخلايا العصبية الدوبامينية التي تصل إلى الجزء المخطط من العقد القاعدية للمخ، وزيادة في السيروتونين.
ويشير إلى أن القشرة الرمادية للمخ لمدمني المنشطات تكون أقل من الطبيعي، كما وجد عندهم تضخمًا في الجزء المخطط من العقد القاعدية، ونتيجة هذه التغيرات تحدث عدة مضاعفات عند تناولها منها: ضعف وظيفة الإدراك، والجنون أو الذهان، واضطرابات سلوكية ونفسية؛ كالعنف والعدوانية، ونزيف في مادة الدماغ أو السكتة الدماغية، والصرع، وارتفاع مفاجئ في حرارة الجسم، ومتلازمة ما بعد انسحاب المنبه.
أعراض جانبية
ويوضح أن المنشطات للجهاز العصبي المركزي تزيد مستويات التركيز والطاقة، وعدم الحاجة للنوم، وفقدان الشهية، نتيجة زيادة مستويات الناقلات العصبية، وهي “السيروتونين”، و”الدوبامين”، و”النورادرينالين” في الدماغ، وهي المسؤولة عن تنظيم العواطف ومشاعر السرور.
زيادة الجرعة
ويلفت إلى أنه عند زيادة هذه الهرمونات يحس الدماغ بأن هناك كمية كافية من الناقلات العصبية الحالية نتيجة لتأثير المنشطات ويوقف أو يخفف إنتاجها ويؤدي إلى تغيير في الدوائر الطبيعية لإفراز هذه الناقلات في المخ، وبعد فترة تصبح هناك حاجة إلى زيادة الجرعة من أجل أن يحصل المتعاطي على نفس النتائج المرجوة مما يؤدي إلى الإدمان، وعند التوقف عن تناول المنشط أو بين الجرعات تحدث حالة تسمى بفترة انسحاب الدواء، وهي تحدث عند قلة نسبة الدواء في الدم، ويعاني المتعاطي في هذه الفترة من صعوبة في النوم والتركيز، ويشعر بالاكتئاب، وتعكر المزاج والسبات العميق والتعب والعدوانية مع زيادة التفكير في الانتحار، ونتيجة لانخفاض الإنتاج الطبيعي لـ”الدوبامين” يصبح مزاج المتعاطي منخفضًا، ويفقد الشعور بالمتعة.
ضعف جنسي
ويقول: “إن الجهاز التناسلي يعتمد على مستويات “التستوستيرون” في الدم، وعند تناول منشط “أندروجيني” عالٍ مثل “التستوستيرون” سيؤدي إلى زيادة غير طبيعية في نسبة الهرمون في الدم، وبالتالي ستزيد الحواس الجنسية أثناء تناوله، ونتيجة لزيادة “التستوستيرون” في الدم سيؤدي إلى فعل انعكاسي في الجسم فيقل إفراز الهرمونات الطبيعية المسؤولة عن العملية الجنسية، وفي فترة الانقطاع عن استخدامه يؤدى إلى هبوط الهرمونات في الدم مما يؤدي إلى الضعف، وقلة الشهوة”.
الموت المبرمج
ويتابع: “ثبت عن طريق الأبحاث أن تناول جرعات كبيرة جدًا من هذه المنشطات يحث على الموت المبرمج للعديد من أنواع الخلايا بما في ذلك الخلايا العصبية؛ وقد يؤدي هذا إلى تغيرات دائمة في الجهاز العصبي، ونتيجة لهذه التغيرات تظهر أعراض نفسية كثيرة؛ كالعدوان، والعنف، والهوس، وإلى درجة أقل الذهان والانتحار واحتمالية تناول مواد مخدرة أخرى، كما أنها مرتبطة بأعراض أوهام العظمة، والسلوك الإجرامي.
ضعف الذاكرة
ويذكر النغموش أن الدكتور هاريسون بوب درس مقارنة في عام 2013، ووجد أن الأشخاص الذين يتناولون المنشطات البنائية أو الستيرويد كان أداؤهم سيئًا في اختبارات الذاكرة البصرية الفراغية، وفي دراسة مقارنة أخرى وجد أن 28% من المتناولين لهذه المنشطات لديهم ضعف في الذاكرة بأثر رجعي، و39% لديهم ضعف في الذاكرة المستقبلية و32 % منهم يعانون من مشاكل في الوظيفة التنفيذية، وفي المختبرات وجد أن هذه الأنواع تؤثر على عامل نمو الأعصاب بالمخ في عدة مناطق وهو ما يحدث عادة في الأمراض التنكسية مثل الزهايمر.
منشطات آمنة؟
وعما إذا ما كانت هناك منشطات آمنة قد يتناولها الرياضيون دون خوفٍ، فيقول المغموش: “من الصعب القول ما إذا كانت هذه المنشطات أمنة أم لا؛ لأنه يمكن تناولها تحت إشراف طبي وبكميات أقل بكثير، وهي تستخدم لعلاج كثير من الأمراض، لكن عند استخدامها دون إشراف وبكميات كبيرة، فهي بلا شك غير أمنة”.
محسنات الأداء الرياضي
أما عن محسنات الأداء الرياضي التي يستخدمها بعض الرياضيين، فيقول الدكتور نبيل في هذا الشأن: “إذا كانت هي نفس هذه المنشطات؛ فلن يؤثر تغيير المسمى على آثارها ومضاعفاتها، ولكن إذا كان القصد هي المكملات الغذائية (الكربوهيدرات – الفيتامينات – بعض الأحماض الأمينية – وغيرها) هي تركيبة مستخلصة من مكونات غذائية طبيعية وتُعدُّ من العناصر الأساسية للتحسن الرياضي، وآمنه إلى حدِّ ما”.