عشاق الحسين (ع) في الأربعين

الأفكار تتشتت واللسان يتلعثم والقلم يجف مداده وينحني خجلًا من أن يكتب عما يقدمه عشاق الحسين (ع) في الأربعين التي أذهلت العالم كله، فإن واقعة كربلاء قضية مبادئ عند العشاق ارتبطت ارتباطًا كليًا مع الحسين (ع)، فخلدت مع خلوده الأزلي.

عشق الحسين (ع) هو عشق للمبادئ الذي يسطره العاشقون مشيًا على الأقدام نحو كربلاء، لإحياء ذكرى أربعين يومًا مضت على ملحمة كربلاء الدم، التي وقعت في العام ٦١ للهجرة في معركة غير متكافئة غاب عنها الضمير الإنساني! واستشهد فيها الإمام الحسين بن علي (ع) مع مجموعة من أهل بيته وأولاده وأصحابه عليهم السلام.

الأعداد المليونية من المؤمنين من داخل العراق وخارجه التي لا تزال تواصل زحفها إلى كربلاء المقدسة لإحياء أربعينية الإمام الحسين (ع)، تراهم وكأنهم أسراب من الطيور المهاجرة التي غطت السماء بحثًا عن المأوى الآمن! تثبت للعالم أهمية إحياء هذه الشعيرة!

خدمة الزائرين تراها على جميع الطرقات التي تغص بخدام الإمام الحسين (ع) من مختلف الجنسيات، فترى الخيام المخصصة لتقديم الطعام، ومثلها مستشفيات متنقلة لخدمة الزائرين، فيها أطباء من مختلف الجنسيات، وغيرها من الخدمات الضرورية لمساعدة الزائرين باسم الإمام الحسين (ع).

إن زيارة الأربعين لم تبدأ كما انتهت إليه بعد تلك القرون الطويلة، والتي بدأها جابر بن عبد الله الأنصاري خائفًا يتلمس طريقه بصعوبة تحت ضوء النجوم الساهرة في السماء بين المدينة وكربلاء أو تحت أشعة الشمس الحارقة، قاطعًا تلك المسافات المترامية وكأنه يرسم معالم طريق للحجيج القادمين من شتى بقاع الأرض إلى تلك البقعة الطاهرة التي احتضنت جسد الحسين الشهيد (ع)، هل دار في خلد جابر يومًا أن خطاه الخائفة والمتعثرة فوق رمال الطريق سترسم خارطة المسير لملايين العشاق بعد قرون طويلة؟

بزيارة الأربعين في العشرين من شهر صفر يختتم عشاق الحسين (ع) شعائرهم العاشورائية التي تجري كل عام، لتكون تلك الزيارة هي ذروة الحدث الكربلائي، حيث يتوجه الملايين من الزائرين إلى رحاب كربلاء وضريح الحسين (ع) فيها.

أيها السيد الحسين الشهيد لقد حج الحجيج في الأربعين إلى كربلاء مشيًا على الأقدام لزيارة قبرك الطاهر واستلهام الدروس والعبر من نهضتك المباركة، نسأل الله ألا تنتهي تلك الدروس والعبر بانتهاء يوم الأربعين، وألا نهجر الحسين (ع) بعده عامًا كاملًا منهجًا وفكرًا ومدرسةً، وألا نكون كما لو دفنّا ميتًا غريبًا فيها، وألا ينتهي موسم الأربعين في انتظار الموسم القادم، وألا نزداد بعدًا عن نهج الحسين (ع).

أيها الخالد في الجنان هؤلاء عشاقك ضيوفًا عندك في الأربعين، لتجدد العهد معك من أمام مرقدك الطاهر الشامخ على أرض كربلاء، حفظ الله زوار الحسين ولهم ولكل الحسينيين أقول: أعظم الله أجوركم وأحسن لكم العزاء والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.


error: المحتوي محمي