قبل أن يتقدم الشاب لطلب الزواج من فتاة، العادة، يسأل عن شرفها وشكلها وثقافتها وصفاتها الأخلاقية والجسدية، بطريقة غير مباشرة (عن طريق الأقارب)، كما هي التقاليد والعادات عندنا، وهذا المطلوب، أو مباشرة وهذه نطاقها ضيق جدًا وبحذر وفي الخفاء، ولا يعنينا بأي طريقة كانت.
المهم أن الأكثرية من الشباب يركز على الجمال؛ على البشرة أو الشعر مثلًا ويترك الجوانب الاخرى وهي أهم، وهذا فيما بعد ينتج عنه مشاكل، وأكثر الطلاق يبدأ طريقه من هنا، الصحيح عندما يسأل عليه أن يوزع المائة درجة عليها جميعًا مثلًا يعطي البشرة وعنايتها بنفسها ومحاسنها الأخرى نسبة من المائة، ويعطي أخلاقها وثقافتها ودينها وضبط سلوكها وفكرها ونمط معيشتها نسب أخرى وهكذا، بمعنى عدم التركيز على جوانب، وترك أخرى أكثر أهمية.
هناك نظرة شرعية للشاب والفتاة، لكنها غير كافية لسببين؛ الأول: لأنها شكلية فقط، وثانيًا: أكثر الشباب يأخذه الخجل ويبدي موافقته الفورية، وبعدها تتضح عنده الفوارق وتدب المشاكل، خصوصًا إذا كان غير مقتنع بالشكل، أو الفكر وصفات أخرى بعيدة عما رسمه وظنه، وكذلك (حال الفتاة)، وتؤدي في الغالب إلى الطلاق أو الخلع، بعض الشباب لا يتحلى بأخلاق فيصف مطلقته فيما بعد فيها وفيها، وإن كان فيها ولكن الكثير مما قال ليس فيها والغرض وهم الآخرين أن العيب منها (ومثله الفتاة)، (والجميع محرم قوله) فيسيء لسمعتها أو سمعته ويتسبب في تحاشي من يتقدم إليها، أو يقبله.
هذا من جانب الفتاة والشاب، أما من جانب الشاب، نعاني من مشكلتين؛ الأولى: البعض من الفتيات وأهاليهم يريدون الشاب أن تكون فيه العصمة، فيه صفات الأنبياء وجمال يوسف، وعندهم من الأولاد ربما من لا يتحلى بصفة كمال، وإذا أرادوا طلب زوجة له لا يرضوا بأقل من مريم بنت عمران، وفي حالات يكون الولد منحرفًا ويمتعضون من عدم قبوله ويخلقون عداوة مع من رده خصوصًا مع الأقارب، للأسف يقبلون أن تكون بنت غير الضحية لولدهم، ولا يقبلون لبنتهم من هو أحسن بكثير من ولدهم.
لنكن منصفين وواقعيين، لا بناتنا فاطمة ومريم، ولا أولادنا زين العابدين وموسى بن جعفر، كل منا فيه نواقص وعيوب، وإنما نسبية ونوعية، مقبولة أو لا عند الآخر.
هناك معايير مشتركة، علينا أن نركز على أساسياتها، البعض يركز على جانب الدين بشدة إلى أن يصل إلى الخطأ في مفهومه، ويترك البقية، إنسان معروف، كثير الزيارات إلى الأماكن المقدسة، تقدمت زوجته لجهة خيرية طالبة الإعانة، وعند التحري عنه اتضح أنه يأخذ راتب ولده ويسافر وأهل المعروف هم من يصرفون على زوجته وأولاده، (هذه الحالة حقيقية)، عندما تقدم شاب لابنته طلب مقابلته وكانت أسئلته: كم من المرات حججت وزرت؟ وفي أي مسجد تصلي جماعة؟ وهل تقيم صلاة الليل؟ ومن مرجعك؟ هل هذا مقبول؟ وهل هو يتبع ما يفتي به مرجعه حتى يطلب من غيره؟ هو مخالف لأوامر الشرع وعاصٍ بعمله هذا، ويدعو للعصيان ربما من حيث لا يعلم ولكنه كذلك.
في المقابل هناك من يركز على الشهادة الدراسية والحالة المادية للشاب ويترك ما هو أهم منهما، وكما نرى في أولادنا سلبيات ونريد من الآخرين قبولهم في حال طلب الزواج، كذلك تكون لنا قابلية، من يتقدم لبناتنا وفيه معايير شرعية واجتماعية وأخلاقية تتوافق ومسيرة الحياة الزوجية، كافية للقبول، لماذا نرده؟ بسبب سلبيات ليست ذات قيمة.
المشكلة الثانية: الأغلب منا يحتاج إلى سؤال الآخرين عن الشاب المتقدم لابنتهم، فتكون الردود مختلفة، إيجابية، سلبية، أو مخالفة للواقع، وذكر لمواقف من سنين غابرة، بعض الشباب تكون عنده أعمال منافية أعرَض الآن عنها لماذا يحاسب عليها؟ أو سُجن لأي سبب كان والآن أصلح اعوجاجه، لماذا تكون عائقًا؟ (كم من معوج استقام ومستقيم اعوج؟)، من له كل يوم جريمة ولايزال ولم يسجن مقبولًا، وآخر جريمة واحدة أدخلته السجن وتاب منها مرفوضًا؟
أقول لمن يرضى ومن يعارض؛ كم من خريج سجن أصلح للحياة الزوجية من ملازم لصلاة وصوم؟ (البعض في الحالتين وليس الكل)، يجب أن يكون اعتمادنا على وضعه وسيرته الحالية، ما هو وكيف؟ الموضوع كشف أسرار العمر لهذا الشاب، وإذا لم يتم التوافق يكون حديثًا للآخرين والكل يقول ويؤلف سبب رفضه،. عندنا أولاد وبنات علينا أن نكون عقلاء.
(١) على طالب السؤال أن يختار من يسأل له من أهل خبرة وفهم وعدالة ويُرتجى منهم النصح والدقة في النقل، (2) السائل مستشار وأمين وشاهد، عليه التأكد، يكون محايدًا لا تبعًا لهواه ومزاجه، ولا تأثيرا إن كان المسؤول عنه قريبًا أو صديقًا أو عدوًا، الجميع عنده سواسية أو يعتذر ويبعد نفسه، سألني أحد الأصدقاء عن شاب تقدم لابنته ولأني لا أعرفه سألتُ أحد أقاربه قال لا أعرف حاله، ولكن فلان صديقه يخبرك، قلت: صديقه لن يكشف لي عنه، قال: بلى يعطيك ما تريد ولن يكذبك، سألت صديقه، قال: كما قيل لك صديقي، ولو تقدم لأختي لن أوافق وليس فيه من الكبائر، ولكن فيه كذا وكذا، النتيجة؛ هذه الأمانة ومثل هذا من يُسأل.
يجب إعطاء الحقيقة في كشف المستور والتأكد قبل البوح بها، كشف الأسرار وإساءة السمعة والقيل في الآخرين غير جائز، فيها من الغيبة والبهتان والنميمة، هي من الكبائر، وما لا نرضاه لأولادنا لا نرضاه لغيرنا، والصحيح لا إفراط أو تفريط، هو أمر بين أمرين، لا للسؤال والتدقيق الزائدين، إلى أن يضيع الشاب الصالح لما لا معنى له، ولا للتركيز على جانب وإهمال البقية الهامة وتذهب الفتاة إلى مُستنقع يصعب الخروج منه.
على الجميع الفتاة وأهلها والشاب وأهله أن يعملوا توازن لجميع الجوانب، الدينية والاجتماعية والشكلية والمستوى المادي والفكري بعناية، تحاشيًا للطلاق أو الخُلع لا سمح الله، وفي حالة عدم التوافق لا يجوز إفشاء أسرار ما علم بها كل طرف عن الآخر.