الخذلان.. والله المستعان

الخذلان ألوان، نذكر منه ما في البال والحسبان، فنوجز في البيان ونقول في معناه العام أولًا: إنه الترك والتخلي وعدم العون والإغاثة أو المساعدة.

وما نريده في هذا المقام هو التخلي حال التجلي، والاختباء حال الإنباء، والمواراة حال الاصطفاف والمداراة.. وما نقصده ونرمي إليه هو تجلي الحق.. والإنباء بالعدل والصدق.. ومداراة ذلك بالإيمان والالتزام والاتزان وليس بالترك والانهزام والخذلان..

المبادئ لا تتثنى أو تنثني.. والقيم لا تتلوى أو تنحني مهما خالفت العواطف.. وتباينت مع الأهواء والتي هي حق لكل أحد بأن يرى بعين قلبه ما يهفو له ويرغب، ولكن ليس على حساب الحقيقة.. ومن خَلـْفِ جُـذُرِ القيم والعدالة..

إن الارتجاف حال طلب الالتفاف.. والنأي بالنفس عن التجاذب والتحالف.. لهو عين الخذلان.. وفقدان الهوية والعنوان.. وتغييب المعيار والميزان، والذي لا يعدل أو ينصفُ بمكيال العادل والمنصف.. بل يلتف ويصطف مع المرغوب والمطلوب.. على حساب غير المحبوب أو المندوب..

هكذا خذلان هو الذي يُسقِطُ المثل العليا.. والمبادئ المثلى.. ويتهاوى معه الإنصاف.. ويتهاذى بسببه التآلف والائتلاف؛ وعنده يبرز الإجحاف.. وينبت الاختلاف والاستخفاف.

التصفيق يجب أن يكون حارًا حادًا وذا صدى حين تلتقي النيات مع الأفعال الواضحات وضوحًا واعيًا راعيًا للحق.. ناعيًا للباطل.. وليس متخاذلًا منهزمًا متخليًا عن الثوابت بحجة النأي بالنفس لكون ذلك حقيقةً لم يتوافق مع الرغبات المكنونة والتي ما إن خالفتها الحقيقة، وفاجأها الواقع القويم إلا وانهزمت متخاذلة لا تلوي طريقًا سوى النعي والبكـاء على لبنٍ مسكوبٍ لم تكن له صلاحية في الأساس.

النأي بالنفس خذلان مفضوح بلا ريب، والله المستعان.


error: المحتوي محمي