في كل زمان ومكان، تتحدى عاطفة الأم المستحيل، بالرغم من واجبات المنزل اليومية ومهام التربية التي تقع على كاهلها، تتوجع من الآلام التي تلامس جسد أطفالها تارة، وتسعد تارةً اخرى بأي إنجاز يحققونه.
الطفلة آية العاشور، المنحدرة من بلدة الجارودية، فقدت قدرتها على المشي، ولكن والدتها بيان الرمضان لم تترك اليأس يتسلل لطفلتها، بل وقفت تستجمع قواها لتساند صغيرتها لتخطو فوق درجات العلم، فلم تتأثر قواها العقلية بل أصبحت من المتفوقات.
ورغم أن آية مازالت في الصف الثالث الابتدائي، فإنها تحزن لو أن فاتها شيء من الدراسة، وصعوبة حركتها للذهاب للمرافق الصحية جعلت والدتها تحضر برفقتها منذ بداية الطابور الصباحي لآخر حصة دراسية.
مرت الطفلة بأحداث مؤلمة، ففي تاريخ ١٣ يناير ٢٠١٧ كانت برفقة أسرتها في نزهة على طريق أبو معن، وحدث ما لم يكن في الحسبان؛ حادث مؤلم فقدت الأم فيه جنينًا في شهره الثامن، وطفلة أصيبت بنزيف داخلي وكسر في الجمجمة، ما أدى إلى تضرر في خلايا المخ لتفقد قدرتها على المشي، والسبب سائق يتدرب على سيارة نقل ثقيل ويفقد السيطرة ليعترض الطريق ويتسبب في ذلك الحادث.
وفي حديث لوالدتها مع «القطيف اليوم»، تقول: «قدر الله وما شاء الله فعل، فرب العباد يختبر الإنسان ويبتليه بالذي يراه خيرًا له، تعبت نفسيًا وجسديًا وأنا أرى فلذة كبدي بهذه الحالة، فقد انكسر قلبي حينها واعتُصرت ألمًا وحزنًا على ما جرى لها وخفت أن أفقدها، ولكني وقفت صامدة من جديد وقلت يا رب كن في عوني ومدني بالصبر الجميل، والحمد لله لم أخجل يومًا أن أخرج بها وأتجول».
وأضافت: «بعد الحادث بفترة قصيرة عادت آية للمدرسة، ولكن نتائج الحادث صعّبت حضورها اليومي للمدرسة، فقررنا أن نعيدها بعد أن تتحسن قليلًا».
وحول معاملة إدارة المدرسة، قالت «رمضان»: «آية ولله الحمد محبوبة وهادئة في نظر الجميع سواءً من صديقاتها أو من المعلمات، وأنا أقوم بمرافقتها يوميًا للمدرسة طيلة وقت الدوام الدراسي فهي لا تستطيع الحركة لوحدها، والإدارة قامت مشكورة بالتعاون معنا، حيث جعلوا الفصل في الطابق الأرضي، ورحبوا بوجودي معها في المدرسة، والمرشدة الطلابية أيضًا ساعدتنا في أمور كثيرة، مثل تسهيل خروج ابنتي قبل الطالبات بنصف ساعة، وذلك ليتسنى لها حضور جلسة العلاج الطبيعي في فترة الظهر”.
وأكدت أن «آية تغلبت على كثير من الصعاب، فهي الآن لا توجد عندها أي مشكلة من الناحية العقلية والفكرية، لكننا مستمرون على العلاج الطبيعي، وأذهب معها يوميًا إلى مركز إرادة في الدمام حتى يقدر الله لها أن تمشي من جديد، وأدعو الله يعطيها القوة لتقف على قدميها مرة أخرى وأراها تتجول وتمرح أمامي».
وختمت حديثها بتوجيه الشكر لكل من يمد يد العون والمساعدة لها، قائلة: «ابنتي سعيدة جدًا برجوعها من جديد إلى مدرستها، وسأبذل كل مجهودي بإذن الله لأرى اسمها يعلو في قائمة المتفوقين من جديد».