طالما حظي التغير في مسار العلاقة الزوجية اهتمام الخبراء والمختصين بحثًا عن عوامله، فعلاقة الحب والتفاهم والانجذاب خفت بريقها وغابت عنها ومضات تعززها، فأين يكمن الخلل أو عامل التبدل في هذه المسألة وما يستتبعها من انفصال حقيقي، أو عاطفي يتجنب فيه الزوجان التواصل والحديث؟
مما لا شك فيه أن تغير العلاقة بين الزوجين واتجاهها نحو المنطقة الرمادية المتصفة بالبرود والألفة والتعامل الحسن بلا جاذبية ورضا، أو ارتفاع مستوى التغير نحو المنطقة الحمراء الملتهبة، حيث تعصف الخلافات والكيدية والعناد بعلاقتهما، مما يشاهد بالوجدان بنسب مرتفعة، فبعد مرور المرحلة الذهبية في علاقتهما وهي بداية ارتباطهما، تبدأ علامات الخلاف تطفح على السطح وتزداد وتيرتها، فهل يمكن للزوجين تلافي التغير السلبي في علاقتهما بإضفاء ما يحرك العواطف فيها، أم أن الأمر في استفحاله أكبر من القدرة على تجنبه والوقوع فيه؟
البعض يرجع عامل التغير السلبي الفجائي في علاقة الزوجين لعامل تقادم الزمن، فبعد سنة أو سنوات من العلاقة الإيجابية والمستقرة، يستنفذ الزوجان طاقتهما النفسية والوجدانية، وهذا ما يفسر انحسار الجاذبية بينهما وبدء بوادر المناكفات والشقاق.
وهناك من يرجع الأمر إلى المسؤوليات التي يتحملانها وتزايد المشاغل؛ مما يضيّق الأوقات التي يجلسان فيها ويتبادلان الأحاديث المقربة لأفكارهما، وتختفي كلمات الثناء والإعجاب المحفزة لعواطفهما.
وآخر يحذّر من عامل التراكمات السلبية للملفات المفتوحة والمشاكل بينهما، والتي لا تشهد معالجة حقيقية بل تبقى كالنار تحت الرماد تشتعل مع أول خلاف بينهما، فهذا البرود في علاقتهما لم يكن وليد اللحظة، بل هو نتاج تسلسل للخلافات المستمرة.
وهناك من يرى أن الفيروس المتسلل للعلاقات الزوجية فيدمر أسسها المتينة ألا وهو الروتين القاتل، إذ تفقد علاقتهما ألقها وعش الزوجية بريقه ويغدو كل شيء بينهما مملًا، ومكررًا لا جديد فيه يعيد روح الانجذاب وتجديد الحيوية في علاقتهما.
وهناك بالتأكيد عوامل أخرى تطفئ جذوة الحب والإيناس بشريك الحياة، وكل ما ذكرناه من عوامل هي أجراس إنذار تحذر مما يفتت علاقتهما ويسلبها الاستقرار والسعادة، وعلى الزوجين وضع خريطة طريق للخلاص مما يزعجهما، وأولى الخطوات هو الشعور بوجود الآخر ومراعاة ظروفه ومشاعره.
والتجديد في الحياة الزوجية أمر مهم يبدأ باستغلال إجازة نهاية الأسبوع وغيرها في تغيير نمط حياتهما، والأمر لا يحتم بذل الأموال بل هناك من النزهات والهدايا والسفر القصير ما يضخ الدماء المتجددة في علاقتهما، فيشعران مع تقدم الزمن بعلاقة انشداد أكثر، خصوصًا مع مراعاة اهتمامات الآخر والاستماع لمشاكله وهمومه وتشجيع تطلعاته وتطوير قدراته.. وبحث أي مشكلة أو خلاف في وقت مناسب لهما ونفسية مرتاحة يجنبهما المشاحنات والشجار الذي يعقبه صمت مطبق أو يستفحل لما هو أسوأ من ذلك.
وآليات التفاهم البعيدة عن الاستبداد بالرأي والنرجسية والنكد والكيدية والعناد، لابد أن توصلهما لحلول توافقية مرضية تراعي كل واحد منهما، ولا ننسى أن التسامح بينهما والتجاوز عن خطأ اعتذر عنه والتنازل المتبادل عن بعض الأمور الثانوية، يضفي تجددًا ومحبة وانسجامًا بينهما.