ذكر رئيس جمعية الفلك بالقطيف الدكتور أنور آل محمد أن هناك خلطًا بين الفجر الفلكي الكاذب والذي يسمى فلكيًا بظاهرة الأضواء البروجية والتي لا تظهر إلا في أوقات معينة وفي ظروف استثنائية مثل قبل الفجر في فصل الخريف، وبين الفجر الشرعي الذي يظهر كل يوم وبه يتم تحديد وقت العبادات من صلاة الفجر وبدء الصيام.
وأضاف أن الفجر الفلكي يكون ذا لون باهت ومستطيل للأعلى ثم يعترض لينشق عمود الضوء منه وهذا ما يتفق عليه أنه فجر.
واستعرض آل محمد نتائج رصد الفجر التي قامت بها الجمعية والتي اقترحت على الفلكيين إضافة وقت انتشار الفجر بالإضافة الى الفجر الفلكي إلى التقاويم المتداولة حيث يكون الفارق بين الفجر الفلكي والشرعي مدة زمنية تصل لـ12 دقيقة.
جاء ذلك في محاضرة “تعريف الفجر الفلكي واعتراض الفجر” التي قدمها آل محمد بمسجد الإمام الحسن (ع) بالعوامية مساء يوم الجمعة 19 أكتوبر 2018 بحضور جاوز الـ100 مشارك من الرجال والنساء.
وافتتح آل محمد المحاضرة بآية ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ ليعرّف الفجر لغويًا وفلكيًا، مع توضيح بداية الفجر الفلكي بالطريقة القديمة مع تبيين بعض المآخذ عليها.
وأشار إلى أن بداية الفجر الفلكي تبدأ من تشتت ضوء الشمس من نهاية الغلاف الطبقي (85 كلم) وهو ما يشكل 1% من نصف قطر الأرض بعكس ما كان يعتقد أن الغلاف يمثل الثلث.
وقال آل محمد: “إن الفجر يمر بأربع مراحل تم تقسيمها فلكيًا واصطلاحيًا بحسب تقدير زاوية انحطاط الشمس وهي: الفجر الفلكي (0=18°)، والفجر الفلكي للهواة (0=15°)، والفجر الملاحي (0=12°)، والفجر المدني(0= 6°)”.
وعرض ظاهرة الأضواء البروجية أو الفجر الكاذب الفلكي والتي تحدث نتيجة لانعكاس ضوء الشمس من الغبار ما بين الكواكب والمتكثف في مستوى دوران الكواكب حول الشمس.
ووصف هذه الظاهرة بأنها ذات لون أبيض نسبيًا وعلى شكل مثلث رأسه للأعلى وقاعدته للأفق وشكله يشبه ذنب ذئب السرحان ويشابه شكل ولون الأضواء البروجية شكل ولون بداية الفجر الفلكي قبل انتشاره واعتراضه.
وأشار إلى أن نتيجة عملية رصد الفجر التي قامت بها جمعية الفلك بالقطيف بيّنت أن الضوء في بداية الفجر الفلكي يبدو باهتًا وساكنًا وغير مميز بسهولة وهو محاط بالسواد، أما ظاهرة اعتراض الفجر فتكون واضحة ومميزة لأن ضوء الفجر يزداد بشكل متصاعد، وأنه قد تم رصد اعتراض الفجر في مختلف الظروف الجوية غير الملبدة بالغيوم الكثيفة في نفس الزاوية (q) تقريبًا.
وأضاف أن القيمة المقترحة لزاوية انحطاط الشمس أثناء اعتراض الفجر بناءً على تلك النتائج هي 15.5°، أو بفارق وقت بين بداية الفجر الفلكي الاصطلاحي (q = 18°) وأن انتشار الفجر يساوي في المتوسط 12 دقيقة في المنطقة، وقد تتغير زاوية اعتراض الفجر قليلًا بحسب الرصد المستمر الذي تقوم به الجمعية لهذه الظاهرة.
وأوضح مسألة الفجر شرعيًا من خلال عالم الأدلة والأصول وفي فتاوى إجماع الفقهاء، وذكر أن نتائج الرصد تفضي إلى أنه يلحق بداية الفجر الفلكي قبل انتشاره إلى الأضواء البروجية ليشكلا بمجموعهما الفجر الأول (الكاذب) الشرعي، بينما يبدأ الفجر الثاني (الصادق) عند انتشار ضوء الفجر، وهو علامة واضحة لدخول وقت صلاة الصبح.
وعرض رواية شريفة مروية عن الإمام الجواد (ع) حيث أجاب سائلًا يسأله عن اختلاف الموالين في صلاة الفجر فمنهم من يصلي إذا طلع الفجر الأول المستطيل في السماء ومنهم من يصلي إذا اعترض في أسفل الأفق واستبان وتساءل عن أفضل الوقتين للصلاة فيه، فكتب له الإمام: “الفجر -يرحمك الله- هو الخيط الأبيض المعترض ليس هو الأبيض الصعداء فلا تصلِ في سفر ولا حضر حتى تتبينه فإن الله – سبحانه وتعالى – لم يجعل خلقه في شبهة من هذا فقال: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل والشرب في الصوم وكذلك هو الذي توجب به الصلاة”.
واختتم آل محمد بعرض الخلاصة والتوصيات مع الرد على استفسارات الحضور التي انصبت على مسألة وقت الصلاة شرعيًا وهل يجب بعد معرفة الاختلاف في وقت الفجر فلكيًا وشرعيًا قضاؤها؟