السعادة الحقيقية

إن معنى السعادة هو الشعور بالفرح والبهجة والطمأنينة، حيث يتولد هذا الشعور نتيجة لقول أو فعل، السعادة هي شيء يحس به الإنسان وليس شيئًا ملموسًا، وهي التي يبحث عنها الإنسان ويحبها بفطرته.

السعادة نوعان، فمنها السعادة الوهمية أو المؤقتة، وهي التي يبحث عنها أغلب الناس، ويعتقد بعضهم أنها في المال أو الولد، والبعض الآخر يظن أن السعادة في الشهرة أو المناصب الاجتماعية وأمور دنيوية أخرى يعتقدون أنهم سيجدون سعادتهم فيها.

الواقع أن هذه الأمور تؤثر في سعادة الإنسان، لكن ربما قد تجعله يبتعد عن طريق الله تعالى، أو قد ينغمس في النعم ويرى نفسه فينسى المُنعِم، أما اذا كان الإنسان واعيًا فلن تغره هذه الأمور ولن تُنسيه ذكر ربه، فهنا لن يشقى في حياته.

السعادة الحقيقية، وهي نوع آخر، وهى التي تصاحب الإنسان في حياته وبعد موته، وتتمثل في القرب من الله تعالى بطاعته والسعي نحو الكمال الروحي، عن الإمام الصادق “عليه السلام” عن النبي محمد صلى الله عليه وآله، كما نُقل: {قال الله عزّ وجلّ: مَن أهان لي وليًّا فقد أرصد لمحاربتي، وما تقرّب إليَّ عبدٌ بشيء أحبَّ إليَّ ممّا افترضتُ عليه، وإنّه ليتقرب إليَّ بالنافلة حتّى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يُبصِر به، ولسانَه الذي ينطِق به، ويَدَه التي يبطِش بها، إنْ دعاني أجبتُه، وإن سألني أعطيتُه}، إن الإنسان الذي وصل إلى مرتبة الطاعة من خلال إخلاصه في أداء الفرائض والواجبات الإلهية حينها سيكون مؤهَّلًا أن يفوز بهذه المرتبة الرفيعة وهي القرب من الله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى أمرنا بالإخلاص في الطاعة والعبودية له سبحانه كما ذكر في القرآن “وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء”.

كيف نصل لتلك المقامات المعنوية والتي وصل إليها العلماء والأبرار الذين يُقتدى بهم مثل الشيخ البهائي قدس سره!! من الأمور المهمة والتي يجب علينا تحقيقها هو الاستمرار في تهذيب النفس ومحاسبتها ومتابعة إصلاحها، وذلك بالتقوى والورع واجتناب المحرمات، كذلك بملازمة حب الله الذي لا يتحقق إلا بالمعرفة، فكلما زادت المعرفة بجمال الحق وكماله المطلق زاد حب الله في نفس الإنسان، وكلما ارتقى مستوى المعرفة بالله فسيشتاق الإنسان إلى عبادته.

إن المقامات المعنوية الرفيعة لا تُنال إلا بالعبادة وطلب العلم، وبزهد الإنسان وباعتداله في طلب الأغراض الدنيوية، وهذا كله يتحقق باتباع سيرة رسول الله “صلى الله عليه وآله” وأهل بيته المعصومين عليهم السلام، وبانتهاج نهجهم، ولا ننسى قراءة آيات الله يوميًا بما تيسر منه، فإذا تقدم الإنسان إلى ربه خطوةً واحدة فيتقدم الله إليه بهدايته وتوفيقه بعشر خطوات كما قال الله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}.

رزقنا الله وإياكم سعادة لا تنتهي بحب الله، ووفقنا الله وإياكم لكل ما يحبه ويرضاه، وزرع الله في قلوبنا الشوق لأن نلقاه.


error: المحتوي محمي