العوامية.. آل عجيان: الأفكار اللاعقلانية كفيروسات الحاسب.. وبعض الإيجابية تجر للاضطراب النفسي

شبّه الاختصاصي النفسي فيصل آل عجيان الأفكار اللاعقلانية بالفيروسات التي تضرب جهاز الحاسب، وأيد عالم النفس الأمريكي Albert Ellis في وضعه 11 فكرة غير عقلانية تقوم بضرب التفكير وتسبب مشاكل نفسية للشخص وتعمل في تفكيره عمل الفيروس.

وبين أنه يمكن تمييز التفكير العقلاني عن التفكير اللاعقلاني بكون العقلاني يساعد الفرد على تحقيق أهدافه ويؤدي لسعادته وراحته بعكس اللاعقلاني الذي يعيق حركته نحو أهدافه ولا يفيده في تحقيق سعادته، منوهًا إلى أن 90% من المكتئبين لا يفهم معالجوهم سبب اكتئابهم.

جاء ذلك في محاضرة “الأفكار اللاعقلانية” التي قدمها آل عجيان مساء الثلاثاء 9 أكتوبر في صالة الحوراء بالعوامية والتي نظمتها اللجنة النسائية التابعة لجمعية العوامية بالتعاون مع مجموعة أصدقاء الصحة النفسية بحضور 57 مشاركًا من الرجال والنساء.

وبدأ آل عجيان المحاضرة بتعريف التفكير اللاعقلاني ووصفه بأنه اضطراب نفسي، وأكد أن وجود الاضطراب ينعكس على الصحة النفسية وبه يُستدل على وجود مشكلة لدى الشخص.

وأوضح آل عجيان أنه قد تبدو بعض الأفكار أنها عقلانية بينما هي ليست كذلك مثل لزوم القلق قبل أداء الاختبار أو المقابلة، لأن هذا التفكير يعيق تحقيق الأهداف ويسبب اضطرابًا بالحالة النفسية؛ إذن فهي أفكار غير عقلانية.

وفرّق بين الأفكار العقلانية التي تكون منطقية حياتية ومتسقة مع الواقع وتحقق للفرد أهدافه وتساعده في ذلك وتجر الفرد للإبداع والإيجابية والتفاعل مع الآخرين بينما الأفكار غير العقلانية تجر الفرد للتعاسة وتكون غير واقعية وغير مرنة وغير ملائمة للواقع وتتسم بالجمود وتجعل من يعتنقها بنسحب اجتماعيًا.

وطرح مثال الاكتئاب عليها فهو فكرة ظلامية تشعر صاحبها بالدونية وتحقير نفسه وتحقير إنجازه، بالرغم من أنه لو قال أحد الأشخاص له هذه الأفكار فإنه سيدافع عن نفسه فيها لكنه بالمقابل سيقول لنفسه كلامًا شديدًا مدمرًا للذات قد تصل الأفكار به في أعلى مستوياتها للانتحار.

وأشار آل عجيان إلى أن المعرفيين قالوا: “إن هناك عاملًا بيولوجيًا واستعدادًا لتبني الفكرة اللامنطقية، فنحن نولد ولدينا رغبة لتصديق الفكرة اللاعقلانية”.

وذكر أن هناك دوافع للإنسان للتفكير العقلاني؛ وتقوى هذه الدوافع في حال الشعور بالمشكلة وأن الأفكار اللاعقلانية تعيق حياته فهنا ينتبه المريض أنه في حالة أكل لنفسه وتعب جراء هذه الأفكار فيسعى للتخلص منها بالتفكير العقلاني.

وأضاف أن التفكير المنطقي أقوى خاصة حين استخدام تقنيات علاجية تعتمد على الدليل، فالأفكار غير العقلانية غير قادرة على إثباتها، لكن المشكلة تأتي بالمحيطين بالشخص حين يسايرونه في تصديق أفكاره اللاعقلانية والإيمان بها مما ينعكس في النهاية على صحته.

وربط تأثير الأفكار على السلوك والمشاعر فالأفكار والتصرفات والمشاعر يكونون مرتبطين مع بعضهم البعض في التأثير، وذكر مثالًا أن البعض يصابون بالعمى من كثرة أفكار القلق.

واسعرض بعض الأفكار اللاعقلانية مثل ضرورة أن يكون الشخص محبوبًا من قبل الأشخاص المقربين وغيرهم، وعقب على هذه الفكرة بقوله: “إن عيب فكرة أن تكون محبوبًا لدى الجميع هو أن الشخص لن يكون هو وسيكون ما يطلبه المستمعون”.

وأضاف أنه قد تبدو بعض الأفكار اللاعقلانية أنها إيجابية لكنها مضللة وتجر للاضطراب النفسي مثل فكرة أن يكون محبوبًا.

وتابع عرض الأفكار اللاعقلانية ومنها فكرة أنه يجب على الإنسان أن يكون قادرًا ومنجزًا ويتمتع بالكفاءة الشخصية لتكون له قيمة، وفكرة أن الأناس الذين يؤذوننا هم أناس سيئون ويجب أن يلاموا ويعاقبوا، وقال العجيان عنها: “إنها فكرة تدعوه للتطرف والتصلب الفكري حيث يُمَلّك الشخص نفسه فيها الثلاث سلطات فيكون القاضي والمشرع والمنفذ”.

وأثارت فكرة عدم الانزعاج لهموم الآخرين حفيظة الحضور بوصفها غير عقلانية لأنها تأتي من باب المواساة، لكن آل عجيان أجابهم بأنها ستكون معطلة للحياة والتي لابد من استمرار فصولها.

ومن ضمن الأفكار التي ذكرها آل عجيان أنه على الإنسان أن يعتمد على الآخرين ثم قام بنفي هذه الفكرة؛ لأنه ليس بالضرورة وجود من يعتمد عليه وهناك من استطاع النجاح دون الحاجة للآخرين والاعتماد عليهم.

يذكر أن المحاضرة شهدت تفاعل الحضور مع الأمثلة المطروحة من قبل آل عجيان واختتمت بالرد على أسئلتهم.


error: المحتوي محمي