ما الذي يجعل طفلة تقول وبكل ألم “أبي لا يحبني”؟

جلست مع طفلة صغيرة لم يتجاوز عمرها التاسعة ذات يوم، وباحت لي بكل ألم عن مشاعرها تجاه أبيها، وتكلمت عيناها البريئة قبل أن تنطق بحرفٍ واحد، فالعين أصدق من الكلام.

راعتني بقولها: “أبي لا يحبني، نحن لا نراه، لا يأتي للمنزل، ويصرخ على أمي ويسخر علينا، ينعتنا بالفاشلين وهو لا يعرف مستوانا الدراسي”!

هذه الطفلة عانت ما عانت من حين زواج أبيها بامرأة ثانية، حيث إن هذا الأب منذ أن تزوج تغيرت معاملته لزوجته الأولى وأبنائه، حتى أنه أصبح يغيب بالأيام والأشهر ولم يعد يسأل عن عائلته، بل وصل الأمر إلى أن يلقن طفلته التي لم تتجاوز الثالثة من عمرها كلامًا بذيئًا لتقوله لأمهم!

كم هو مهم جدًا وجود الأب في حياتنا، فهو روح وعمود البيت، فإذا ما غاب تشتاق مسامعنا لقصصه ودلاله، فكم طفل يفتقد أباه وكم طفل يحتاج هذا الاهتمام ولم يلقه! إذًا أخبرك طفلك هذا اليوم “أنه يحبك”، فأنت إلى خير.

ويعتقد البعض أن تربية الأبناء أمرًا سهلًا ولا يحتاج لأي جهد، فهذا الطفل ينمو شيئًا فشيئًا ويكتسب من حياته ومن بيئته ما يكتسب، وهذا المُعتقد خاطئ!

فمثلما يُحَضِرُ أُستاذ الجامعة محاضراته لطلابه، أيضًا ينبغي على الأبوين أن تكون لديهم خطة واضحة مرسومة، فالتربية في هذا الزمن تحتاج إلى تفكير وعمل خطة مدروسة من قبل الأبوين لأبنائهما، فليست الحياة بسيطة كالسابق، بل أصبحت أكثر تعقيدًا.

لكل أبٍ عاقل؛ فكر مرارًا قبل أن تخطو أي خطوة، واجعل أبناءك نصب عينيك، أعطهم حقهم في التربية، وإذا ما أردت مقياسًا تقيس به فانظر إلى مدى اشتياق أبنائك لك، إذا لم يرتمِ طفلك في أحضانك عند دخولك للمنزل فهناك خلل ما ويجب عليك أن تراجع علاقتك معه.

فلتكن أنت الأمان والملاذ والرحمة والقدوة لأبنائك، يفرون منك إليك، يغرفون من جمال قلبك، قبل أن يسبقك الشارع وأشخاص مجهولون يمدون أيديهم لطفلك الخائف فلا يجد غيرهم خشبة نجاة.

فمن الجميل أن تخصص وقتًا لعائلتك وتزرع ابتسامةً رائعة على شفاههم، أعطهم وقتًا فالحياة سريعة والكل سيمضي،
ومن المؤسف جدًا أن تجرح قلبًا صغيرًا بمسمى الحلال، استمتع بحياتك لكن “اعطِ كُل ذي حقٍ حقه”.


error: المحتوي محمي