ربما يتذكر كثير من جمهور الشبكات الاجتماعية وروادها، طفرة البرامج السعودية على موقع «يوتيوب» عام ٢٠١١، إذ ظهرت موجة قوية من البرامج الكوميدية المبنية على ظهور نجمٍ كوميدي يلقي مجموعة من التعليقات الساخرة على الأخبار والقضايا المتداولة في المجتمع السعودي.
هذه الموجة تقلصت بشكل كبير في آخر سنتين أو ثلاث، وتفرق نجوم هذه الموجة، ولم تعد هذه النوعية من البرامج، وحتى برامج أخرى بأفكار مختلفة قليلا، ولكن ضمن نفس التوجه الكوميدي الساخر، تحظى بالاهتمام السابق من الجمهور.
أحد نجوم هذه البرامج، الصديق فهد البتيري، كتب عن «غيبوبة» البرامج السعودية على موقع «يوتيوب»، وتحدث عن ظهور منصات جديدة، مثل «سناب شات»، صنعت نجومها وقوالبها الخاصة، وأكد أن بعض أسباب التراجع تعود إلى موقع «يوتيوب» نفسه، الذي أراد مجاراة المنصات الجديدة المنافسة له في المحتوى المرئي على الانترنت، فقام بتعزيز ظهور صناع المقالب ومقاطع تعليم أساليب المكياج، ما أدى إلى انحدار كثير من البرامج والقنوات التي لا تعرض هذه الأمور.
لا شك في أن التغير السريع سمة أساسية للشبكات الاجتماعية، لكن هذا لم يمنع موقع «فيسبوك» مثلا من الحفاظ على حضوره رغم المنافسة، وظهور شبكات جديدة، ورغم خسارة بعض رواده. لكن، بوجهٍ عام، الناس تبحث عن التجدد والتغيير، ويبدو أن موقع «يوتيوب»، لم ينجح في دعم المحتوى المتجدد، كما أن كثيرا من نجوم «يوتيوب» السعوديين لم يتمكنوا من تجديد أنفسهم، وبعضهم اتجه للتلفزيون ولم ينجح، بسبب اختلاف البيئة، وربما ضعف الموهبة أيضا. مع ذلك، ما زال ملفتا حجم تعطش الجمهور السعودي للانخراط في الشبكات الاجتماعية على أنواعها، ومتابعة ما يُنتجُ فيها بدقة، لا سيما وأنها تفتح المجال لكل الاهتمامات، كما أنها ما زالت تقدم مساحة أوسع من الإعلام التقليدي، رغم انكشاف حدود هذه المساحة، في الفترات الماضية.
لا بد من القول إن «يوتيوب» لم ينهِ عصر التلفزيون بعد، وبالذات عندنا، وهذه قناعة موجودة في عقول عدد من نجوم «يوتيوب»، الذين اعتبروه قنطرة للوصول إلى التلفزيون، حيث الأضواء والإنتاج الأضخم والمكاسب المادية الأعلى، فيما تحاول القنوات التلفزيونية التكيف مع الشبكات الاجتماعية، عبر اجتذاب جمهورها بطرق مختلفة، ومنها استضافة نجوم هذه الشبكات عبر شاشاتها. يظل الأهم هو المحتوى، سواء في التلفزيون أو «يوتيوب»، والواقع أن نجوم «يوتيوب» سقطوا في فخ التكرار، وغاب التنوع عن البرامج المُقدمة، دون أن نغفل دعم القنوات الفضائية للتجارب الأقل جودة، وإهمالها لتجارب ونجوم أكثر موهبة.
اليوم