شبابنا وشاباتنا بيضتم وجوهنا عند الله ورسول الله فشكرًا لكم

“قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى”، وها نحن يا رسول الله نبذل الغالي والنفيس تقربًا إلى الله بموالاتكم.

شكرًا جزيلًا لأبنائنا الشباب وبناتنا الشابات الذين بذلوا كل طاقاتهم في خدمة أبي عبد الله الحسين “عليه السلام”، وأقاموا تلك المجالس العظيمة وتقدموا ركب الأعمال الخيرة من تنسيق وتنظيم وخدمة المعزين، تطوعًا لنصرة الحسين، ولتبقى هذه النهضة الحسينية طرية شامخة في أرجاء المعمورة، والشكر موصول إلى الآباء والأمهات والمنبر الحسيني النابض، ومن أوقف هذه الحسينيات الشامخة وشارك بالنفس والمال وهم يرون نتائج ما قدموه من تربية ولائية صالحة لبروز هؤلاء الثلة الشبابية في مقدمة النهضة الحسينية.

ما إن يقترب فجر عام جديد وبعد أيام من فرح بالعيدين والمباهلة، حتى يخيم الحزن بأبعد صوره على أرض الله الواسعة، وينتشر السواد أرجاء المعمورة، وكأن الليل قد خيم بظله، وترتفع الأعلام السوداء على منابر المؤمنين ويهبط الحزن، ولا ترى مهنئًا بسنة جديدة بل تعزية بمصاب أبي عبد الله الحسين “عليه السلام”.
أما الشباب فإنهم في حركة دؤوبة كالنحل ينصبون منابر الحزن ورايات السواد لتعظيم فاجعة أربعة عشر قرنًا ومازالت بحمد الله تذر بنعم الله التي لا تحصى لتشملنا سفينة النجاة عند رب الحسين.

حقًا إن حدثًا عظيمًا قد وقع ولا تسمع صوتًا يرتفع “عزيزًا منتصرًا عظيمًا” إلا صوت “الحسين”.

هل حقًا رحل الحسين مع كل ما نراه من مآتم العزاء وأعلام النصر، أم أنه باقٍ ورحل أجدادنا وآباؤنا ونرحل نحن، ويبقى الحسين ما بقي الدهر لنلقى الله بدمعة على مصابه أو جزع على مظلوميته أو ندب وعزاء على قتله سلام الله عليه، ويرتفع البكاء على الحسين حتى عند لحدك وقبل أن يُحثى التراب على قبرك وتوضع تربته الطاهرة تحت خديك وعند رأسك لتخفف عليك ضغطة القبر وظلمته، ولو احتفظت بمنديل بكائك ودمعاتك لتدفن بجانبك لتكون أكثر أمنًا.
كثيرون يسألون عن صلب المسيح وطوفان نوح وذبح إسماعيل وبقرة موسى، ويذكرنا القرآن بالكثير من تلك القصص الحسنة الجميلة، ولكننا لن نجد سوى سويعات يستذكر أتباع المسيح وموسى بعض قصصهم لتجديد ذكراهم وتنتهي دقائقها وساعاتها.
أما الحسين فلن يسعه الزمن ولن تجد روحك إلا رابضة على تراب كربلاء، وترى حسينًا وأنصاره أمامك، وما إن تضع يديك على وجهك عند ذكر مصيبته إلا وأنت في وادي نينوى تعيش مع الحسين عليه السلام.

ستضرب صدرك وتنكس رأسك وتبكيه بحرقة وألم وأنين وتفجع لأنك أصبحت أحد أنصاره “لَبَّيْكَ داعِيَ اللهِ، إِنْ كانَ لَمْ يُجِبْكَ بَدَنِي عِنْدَ اسْتِغاثَتِكَ وَلِسانِي عِنْدَ اسْتِنْصارِكَ فَقَدْ أَجابَكَ قَلْبِي وَسَمْعِي وَبَصَرِي سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا”.

هل حقًا رحل أبو عبد الله أم نحن الراحلون وإن هي إلا لحظات جميلة نعيشها في حياتنا لتكتحل عيوننا بدمعة تروي قبرًا أو صرخة تخفف عذابًا أو نورًا يضيء عتمة أو سفينة تنجيك من بحر متلاطم الأمواج إلى جنة الخلد.

فسفينة الحسين أنجى وأسرع، وأنتم معاشر الشباب والشابات لكم جزيل الشكر والثناء على ما تقدمونه في خدمة النهضة الحسينية الخالدة.


error: المحتوي محمي