الخطيب الحسيني الشيخ عبدالودود أبو زيد

لعل من أهم ما يثلج الصدر أن يكون بيننا في منطقة القطيف مجموعة طيبة من خطباء المنبر الحسيني ينسبون لها وقد أصبحوا أعلامًا في سماء المنبر الحسيني، حتى اختلافهم في الطرح أصبح فسيفساء جميلة تثري المنبر الحسيني ولا يستغنى عنه.

حسبي هنا أن أتحدث عن أحدهم وهو الخطيب الحسيني الرائع الشيخ عبدالودود أبو زيد الذي استطاع وبنجاح مميز أن يجمع في قراءته الحسينية بين الموضوع العلمي الذي يلامس احتياج المجتمع ويثري المستمع بأسلوب مبسط وسهل، وبين النعي الحسيني الملتزم بالكلمة الراقية والأداء الملتزم الذي يناسب وقار المأتم الحسيني.

لقد قدم المادة العلمية دون أن يبخس النعي الحسيني حقه، كما قدم الأطوار الشجية دون إسراف في العناية بالصوت وطبقاته المختلفة التي لا يليق بعضها بالنعي الحسيني.

لقد أفرز الاهتمام وتعلم بعض الخطباء والرواديد أطوار القراءة الحسينية -بالرغم من أنها كانت ضمن جهود فردية لا مؤسسية- تطورًا ملحوظًا لا تخطئه الأذن على مستوى تنوع الأطوار وظهور أطوار جديدة لدى الخطباء، وكذلك تحكم وتوظيف الخطيب لطبقات صوته المختلفة في القراءة الحسينية بشكل لم يكن موجودًا في القراءة الحسينية والعزاء الحسيني، وأصبح لدينا ثقافة الصوت التي بدأت تتشكل وتأخذ حيزًا من اهتمامات الناس. لكن يؤخذ على هذا التطور أن بعضه جاء على حساب الوقار المعتاد في نمط القراءة الحسينية والتفاعل التلقائي المؤثر الذي كان يظهر على الخطيب فيفعل أثره في المستمع، وبدا أيضًا وكأن الخطيب رّكز جهده على ما أتقنه من تقنيات التحكم في طبقات الصوت وتوظيفاتها على حساب اختيار الكلمة المؤثرة والتفاعل التلقائي المؤثر.

أحببت الاستشهاد بهذا الخطيب الحسيني الرائع كمثال -لا الحصر- للخطيب الذي استطاع توظيف كل إمكانياته الشخصية ومعارفه وخبراته المتنوعة لتقديم قراءة حسينية غنية تثري نهم المستمع من خلال المادة العلمية الثرية التي يقدمها، وبمزاوجة بين اللغة العربية الفصحى واللهجة المحلية، كذلك حفاظه على تقديم نعي حسيني يحافظ على وقار النعي الحسيني من خلال الاختيار الدقيق للأطوار والشعر الحسيني الراقي اللذين يختارهما.

لقد رأيت أنه من الواجب تقديم الشكر ورد شيء من الجميل لمثل هذه الشخصيات المعطاءة، والمساهمة أيضًا في إزالة النمط السائد والمتوارث في عدم الثناء على من يستحق أثناء حياته، وهو أمر أصبح وكأنه أمر طبيعي لا يستحق التوقف عنده ومحاولة تفكيك وتغيير هذا النمط العدو للإنسان وتطور المجتمع.
يحق للقطيف أن تفخر بأمثال هذا النوع من الخطباء وتوفيهم جزءًا من حقهم، حتى تستمر هذه البلاد أرضًا للعطاء وصالحة دومًا لإنتاج المميزين والمبدعين.


error: المحتوي محمي