ليس سهلا العيش في بيئة مختلفة

دار حديث مع أحد الجيران عن ذكريات الماضي المنصرم قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمان حين كان يعمل لدى شركة أرامكو، نقل لي قصة عن أحد أصدقائه من أهل البلاد،

هذا الصديق كان يعمل في دائرة أحياء السكن في الشركة وكان كثير الإختلاط بالأجانب والعوائل الذين يقطنون في منازل مخصصة في الشركة، كانت له معرفة مع موظف من الجنسية الأمريكية، هذا الموظف طلب منه أن يجلب إليه قطا محليا من بلدته مقابل مائة ريال، حتى يأنس به ويسليه وكذلك حتى يسعد عائلته أيضا، حيث أنهم كانوا متعودين على تواجد قطط في منازلهم في أوطانهم،

وصاحب صاحبنا إجتهد في هذا الأمر وتمكن من الحصول على قط من البلاد وأوصله إلى تلك العائلة، وكانوا سعداء وعمت الفرحة لدى الجميع في إستقبال وترحيب ووضعوه في مكان داخل المنزل حتى يتم ترويضه ويتعود عليهم وعلى المكان، أحضروا له أنواعا من الأغذية المخصصة وكذلك قاموا بتنظيفه وتدليله كما دائما يفعلوا مع قطتهم في ديارهم،

وبعد أيام ألف القط المكان والعائلة وتعود الخروج والدخول، غير أنه في أحد الأيام خرج ولم يرجع إلى المنزل، وظل يعبث في الأشياء ويبحث عن الأكل في براميل القمامة ويقلبها رأسا على عقب، ويتسلق الأسقف ويجوب المكان ولا يدع شيئا على حاله، وأصبح يفتعل المشاكل مع القطط الآخرى وضاق أهل الحي منه ومن شراسته ومستوى العنف المرتفع الذي في سلوكه وتصرفاته والتي جعلت الجميع يشعرون بالإستياء وكانوا غاضبين من صاحب هذا القط ومالكه، فهو السبب في جلب قط متوحش إلى بيئة فيها من الهدوء والنظام ما لا يفهمه ولا يدركه هذا القط، وخافوا على قططهم أن يكونوا على شاكلته إن ظل حرا طليقا يفعل ما يفعله،

عند ذلك رجع هذا الأجنبي إلى صاحبه يبحث عنه طالبا منه إبعاد القط من المكان مقابل عشرة أضعاف ما دفعه حتى تعود تلك الليالي والإيام كما كانت قبل قدومه.


error: المحتوي محمي