في موقف أو مشكلة كنت تتوقع من صاحبك المساندة والمؤازرة ووضعت الآمال في أعلى سقوفها، ولكن خابت ظنونك وأخطأ حدسك فلم تر منه إلا الانسحاب المبكر بهدوء، ومحاولة إخفاء موقفه المتخاذل بالتعلل بكثرة المشاغل والظروف الخاصة، مع أنك لم تكن في أي حال بالذي تتأخر عن مساعدته والتخفيف عنه، فتصاب في مثل هذه اللحظة الحرجة بالحيرة وتلف عقلك الأفكار السلبية المشتتة، وتذهب بعيدًا في تحليل موقفه ويغيب عنك التركيز على أصل المشكلة وحلها ما أمكن.
لا يمكن الادعاء بأن الموقف سهل ويمكن تجاوزه ببساطة، ولكن فكر: ماذا يفيد؟ وما الذي سيتغير إن بقيت هكذا كعلامة استفهام تعيش الجهالة والغفلة؟
اقرأ الحدث بتمعن ورتب أوراق فكرك وعملك بعيدًا عن العاطفة العمياء، وكن واثقًا من قدرتك على تجاوز تلك المرحلة الصعبة ما كنت متسلحًا بالصبر والتحليل الدقيق والإرادة القوية، فلا يغيبن عن بالنا أن قدراتنا تنمو في رحم الصعاب والمشاكل، وبعد هذا الموقف سنخرج بثلاث فوائد مهمة – على الأقل – هي نتاج مواجهة التحديات واعتصار الأيام لنا:
الأولى: هي تلك الخبرة المتشكلة من قراءة الأزمات وتحليلها وعصر الذهن لاستخراج مجموعة من الحلول والعمل على تطبيقها دونما توان أو تسويف. والأخرى: علينا بناء صداقاتنا بناء على مجموعة من المعايير في الاختيار المناسب، وأهمها نسج الثقة المتبادلة من خلال قراء واعية لمواقفه وتصرفاته معك في أحداث مختلفة، فلا تمنحه صفة المستشار المقرب منك والمطلع على مجمل أسرارك وأهدافك المستقبلية لمجرد ارتياح عابر، أو عاطفة مجردة لم تأخذ في الحسبان تقييمه بشكل جيد ومدروس.
والثالثة: لا تأسف على إراقة الماء وانكسار الجرة فذلك لن يعيد ما أتلف، فهذه حقيقة، فما فات لا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لاسترجاعه وتغيير تفاصيله، فما فائدتك من وضعه نصب عينيك سوى استخلاص العبر وتكوين خبرة منه تنفعك في المستقبل في مواقف مشابهة، فلا تدع نفسك أسير أخطائك السابقة مما يؤثر على طموحك وهمتك مستقبلًا، فعبرة من مدرسة الحياة استقيتها ستأخذ بيديك بقوة نحو اختيار أصدقاء وفق معايير تبلوهم وتكشف معادنهم.