عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ شَبِيبٍ، عَنِ الإمام الرِّضَا(عليه السَّلام) ـ فِي حَدِيثٍ ـ أَنَّهُ قَالَ لَهُ:
يَا ابْنَ شَبِيبٍ: “إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ مَعَنَا فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجِنَانِ فَاحْزَنْ لِحُزْنِنَا وَافْرَحْ لِفَرَحِنَا وَعَلَيْكَ بِوَلَايَتِنَا، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحَبَّ حَجَراً لَحَشَرَهُ اللَّهُ مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ” (1).
عن الإمام الرّضا (عليه السلام) قال: كان أبي صلوات الله عليه إذا دخل شهر المحرّم لم يُر ضاحكًا وكانت كآبته تغلب عليه حتّى يمضي منه عشرة أيّام فإذا كان اليوم العاشِر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحُزنه وبكائه، ويقول: هذا اليوم الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام) (2).
قلت له: أراك تحضر مبكرًا للمجلس الحسيني… الخطيب يبدأ المجلس بعد نصف ساعة.
أجابني: لا بأس يمكنني أن أقرأ زيارة عاشوراء.
هذا الموقف ألهمني أن أكتب عن ضرورة التهيئة للمجلس الحسيني.
لكي تستفيد من مجالس عاشوراء استفادة كبرى، لابد لك أن تتهيأ لها بما يتناسب وعظمتها، فمجالس عاشوراء هي مجالس القرب إلى الله من خلال القرب وإعلان المحبة لأهل البيت (عليهم السلام).
وهنا لابد من الاستعداد و التهيؤ لهذه المناسبة من خلال:
التهيئة الروحية:
لكي تتفاعل مع مجالس عاشوراء تفاعلًا جوهريًا لابد من تهيئة النفس وبرمجتها على استقبال مصيبة الحسين (ع) من خلال:
• التأسي بالحسين (عليه السلام) ففي ليلة العاشر كان له برنامج روحي يتمثل في الصلاة، والدعاء وقراءة القرآن والاستغفار، فقد ورد أنه قال لأخيه العباس بن عليّ (عليهما السلام): “ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى غدوة وتدفعهم عند العشيّة، لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة، وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي قد كنت أحبّ الصلاة له، وتلاوة كتابه، وكثرة الدعاء والاستغفار” (3).
• المواظبة على قراءة زيارة عاشوراء، أو زيارة وارث، فهذه الزيارة هي اتصال روحي مع الحسين (ع).
• استمع إلى القصائد والأبيات التي تؤثر فيك أكثر قبل حضورك المجلس الحسيني.
• لا تشغل ذهنك أو تفكيرك هذه الأيام بغير مصيبة الحسين.. عش مع الحسين في يوم عاشوراء.. انتقل معه بوجدانك وروحك، انتقل معه بين الخيام، تذكر عطش الحسين وتلك اللحظات المؤلمة، تذكر صراخ الأطفال.. عش تفاصيل واقعة الطف بكل وجدانك..
التهيئة الثقافية:
عاشوراء عَبْرةٌ وعِبْرة، كما أن الجانب العاطفي (عَبْرة) يحتاج إلى تهيئة، كذلك الجانب الثقافي (عِبْرة)، فعاشوراء ذات عطاء ثقافي، تسهم في بناء عقل الإنسان، ولذا يجتهد الخطيب الرسالي في إعداد مادة علمية مناسبة لقضايا المجتمع، فهو ينطلق من فكر عاشوراء وقيمها ويسعى جاهدًا لتوظيفها لخدمة وبناء مجتمع إيماني.
ورسالة عاشوراء الثقافية لا تتفاعل وتؤتي ثمارها إلا حين تجد لها أرضية مناسبة تستوعب تلك الفكرة، وبعبارة أخرى أن تكون لك قابلية لاستيعاب محاضرة ورسالة الخطيب الثقافية، ولكي تكون مهيأً ثقافيًا:
• اقرأ كتابًا عن نهضة الحسين (عليه السلام).
• الاطلاع على محاضرات الخطيب والتحضير المبدئي للمحاضرة: اقرأ عن الموضوع مسبقًا.
• الحضور المبكر للمجلس الحسيني.
• اختر مكانًا مناسبًا، بعيدًا عن المشتات.. وحث نفسك للإندماج مع المحاضرة.
• تجنب شرود الذهن أثناء المحاضرة، واستوعب وأنت تستمع.
الهوامش:
1- وسائل الشيعة: 14 / 502، للشيخ محمد بن الحسن بن علي، المعروف بالحُر العاملي.
2- مفاتيح الجنان.
3- الطبري، تاريخ الطبري، ج 4، ص 316.