تخيل لو أن كنزك الأكبر كان بين يدي طفل لم يتجاوز عمره أيامًا، وكأن ذلك الطفل يضرب برجلي جنين، يستجدي خروجه إلى الدنيا، كي يمطرك عطاءً يضاهي حلمك، أو يهديك حلمك مقترنًا بأنفاسه.. كيف لو أن ذلك الطفل كان فرحتك الأولى، لحظة احتضانك للأمومة أول مرة، وتاريخ انطلاقك للشهرة، وكأنك كلما مررت كفيك على نعومة جسده الصغير كلما ازددت من عطاء خفي لا تدرك سببه.
أماني فيصل أمٌ قادتها محاولة تصوير طفلتها البكر لأن تكون الاسم الأشهر في تصوير المواليد، خصوصًا المواليد حديثي الولادة، أولئك الذين لم يتجاوز عمرهم أسبوعًا واحدًا، هي أولى من خاضت هذا المجال وعرفت به على مستوى المملكة العربية السعودية، شهرتها تجاوزت حدود منطقة القطيف عندما افتتحت استديو خاصًا بذلك، حتى استقرت بفرعه الثاني في العاصمة الرياض.
من هي؟!
أماني فيصل الحميدي، خريجة إدارة أعمال، حاصلة على شهادة دبلوم تصوير فوتوغرافي، تنحدر من بلدة أم الحمام، إلا أنها انتقلت للعيش بعيدًا عنها، ما بين سيهات، ثم الجش، حتى استقرت حاليًا في الرياض نظرًا لظروف عمل زوجها.
شغفٌ ينتظر المخاض
أماني هاوية شغفت بالتصوير الفوتوغرافي منذ الطفولة، لكنها لم تمارسه إلا في عام عام 2007م كهواية فقط، إلا أن البداية الفعلية كانت عام 2012م، عند افتتاح مركزها المختص بتصوير المواليد، إذًا نحن هنا نتحدث عن خبرة عمرها 6 سنوات وأكثر.
ولكن ما الذي جعل تلك الهاوية تحترف هوايتها؟ بل وتتخصص في مجال محدد لم يسبقها إليه أحد؟!
تقول فيصل لـ«القطيف اليوم»: “عندما رزقني الله بابنتي الأولى قمت وزوجي بشراء إكسسوارات خاصة بتصوير المواليد، وبدأنا في تصويرها، ودهشنا حين لاقت تلك الصور أعجاب الأهل والأصدقاء، وذلك ما شجعنا على الاستمرار في تصوير الأطفال سيما المواليد”.
محاولات إحباط لـ الأول في المملكة
تعزي أماني محاولتها لتصوير ابنتها الأولى إلى توفر معدات التصوير الاحترافي لديها مسبقًا، وبعد تكرار الالتقاطات لابنتيها وظهور نتائج مشجعة، جعلت كلمات التشجيع تصفق في آذانيهما فابتدأت فكرة افتتاح مركز مختص في تصوير المواليد تراودهما بشدة.
تقول: “بدأنا بحضور الدورات المختصة بهذا النوع من التصوير، والاستثمار بشراء مزيد من الإكسسوارات الإضافية، ثم بدأنا بتصوير بعض مواليد العائلة، حتى افتتحنا مشروعنا الأول من نوعه في المملكة، كأول مركز متخصص فقط بتصوير المواليد والأطفال”.
وتضيف: “عند افتتاح مشروعي، غالبية المجتمع أبدى استغرابه من فكرة استوديو للأطفال فقط، وبدأت أحاط ببعض العبارات المحبطة، كـ: لا فائدة من المشروع، ولأول مرة نسمع باستديو لا يستقبل غير الأطفال، إلا أن ذلك النوع من التصوير كان شغفي، وكان يستهويني أكثر من تصوير الكبار، وهو ما داعني لصم أذني عن مثل تلك العبارات والاستمرار فيما بدأته أنا وزوجي، والحمد لله، وصلنا لمستوى أكبر مما حلمنا”.
أماني فيصل
وعن اختيار اسم الاستديو والذي يحمل اسمها الثنائي تقول: “كانت فكرة زوجي، وقد علل ذلك بأن التصوير فن نابع من إحاسيسي ومشاعري الخاصة ولا يمكن لأي شخص تقليدها، وبالتالي سيكون اسمي هو أبلغ اسم يصف تلك المشاعر ويدل عليها”.
لا تُعد.. والأولى لها نكهتها
تتنقل أماني بذاكرتها في تقاسيم الوجوه الصغيرة التي التقطتها، تبدأ العد على أصابع يديها أكثر من مرة، إلا أنها تخطئ العد، حتمًا سيحدث ذلك الخطأ، فبعد أن ذاع صيتها وأصبح لاسمها شهرته الخاصة، ازدحم جدول حجوزاتها بأمهات من مختلف المناطق، وتؤكد فيصل أن عدد الأطفال الذين انعكست صورهم في كاميرتها كبير جدًا، إلا أنها تستطعم نكهة الصورة الأولى من بين تلك الصور، وهي صورة ابنتها ريماس البالغة من العمر حاليًا 9 سنوات، وقد كانت في تلك الصورة بعمر 4 أيام، فهي مازالت تتذكر فرحتها بنتائج تصويرها -حسب قولها-.
المواليد يستحقون “الغالي”
المتأمل في التقاطات الحميدي يجد أنها تحاكي المصورين الأجانب المختصين في ذلك المجال، سيما فيما تستخدمه من أدوات وإكسسوارات، وفي سؤالها عن ذلك توضح بقولها: “إكسسوارات تصوير المواليد نستوردها من كل مكان بالعالم، من المتاجر الكبيرة والمعروفة عالميًا، وحتى المتاجر الصغيرة بالإنستقرام، وما يميزها أن أغلبها صناعة يدوية وتكون مكلفة وباهظة الثمن”.
بعد ذلك.. إنه يستحق التعب
تقول الحميدي: “التصوير الفوتوغرافي فن جميل يتطلب الكثير من التفكير والتخيل والتدريب والتطبيق، فهو فن متعب جدًا كي نحصل على النتيجة المتوقعة، وتصوير المواليد تحديدًا يتميز بأنني أتعامل مع مولود قادم على هذا العالم قبل بضعة أيام فقط، والمتعب أكثر أن التعامل مع كل مولود يختلف عن الآخر، ولكن بعد ذلك التعب تتسهل المصاعب ويصبح العمل أكثر يسرًا”.
الموازنة أبعدتها عن أضواء أخرى
رغم الإبداع والشهرة إلا أن المتابع لأعمال أماني لا يجد أعمالها على جدران المعارض أو بين أزقة المسابقات العالمية، وهي ترجع ذلك إلى موازنة المعادلة بين عملها وأطفالها وبيتها، فذلك يستحق منها أن تتنازل عن جزء كبير من وقتها لأجله – حسب قولها – إلا أنها في الوقت ذاته تتمنى من الله أن يوفقها لإقامة معرض شخصي قريبًا.
مواقف لاستحضار الفرح
من بين ما تستحضره الحميدي من مواقف جميلة تمر عليها خلال عملها، كلمة تسمعها من كثير من الأمهات: “سعيدة جدًا كونك أبدعتي بتصوير اللحظات الأولى لطفلي، وبهذه النتيجة الجميلة”.
وتقول أيضًا: “حصلت لي خلال مشواري الفوتوغرافي مواقف وصدف رائعة، من بينها أنها جمعتني بصديقات الدراسة ممن انقطعت أخبارهن عني منذ سنوات كثيرة”.
هوايات بلا كاميرا
بعيدًا عن ضوء الفلاش، وطباعة الصور وتجهيز المواليد وغيرها مما يدور في كواليس الاستديو، تمتلك تلك الفوتوغرافية عددًا من الهوايات والمواهب، فقد التحقت قبل زواجها بدورة في فن المكياج، كما أنها تهوى التصميم الداخلي وتنسيق الحدائق.
عائلة فوتوغرافية
الذراع الأيمن لـ أماني هو زوجها الفوتوغرافي “محمد العلي”، كان قد سبقها في مجال التصوير بسنوات عديدة، وبعد اقتحامها ذلك العالم أخذ في تشجيعها ودعمها، كما أنهما يعملان كثنائي مكملين لبعضهما في جميع جلسات تصوير المواليد.
ذلك الثنائي له طفلتنان لا يتجاوز عمر الكبرى 9 سنوات والصغرى 8 سنوات، تتعمد والدتهما إشراكهما في بعض المهام أثناء جلسات التصوير أو في ورشها الخاصة.
مدربون أجانب
لم تكتفِ الحميدي في تصوير المواليد بموهبتها ومهنية زوجها، بل تجاوزت ذلك بحضورها دورات لخبيرات بذلك المجال في إستراليا وأمريكا، ساعدتها على تخطي الكثير من المصاعب وحصولها على نتائج مرضية لها وللأمهات.
وتعتبر أماني السفر بوابة لنتائج جديدة في عالم التصوير، حيث تقول: “ساعدني ذلك العالم على تطوير نفسي أكثر بتصوير آوت دور، وتحكمي بالكاميرا مع إضاءة الشمس فقط”.
أضواء
حظيت أماني بأضواء سلطت عليها بعد بزوغ مشروعها، حيث تذكر لـ«القطيف اليوم» أنها دعيت لحضور العديد من المقابلات التليفزيونية المباشرة بعدة قنوات منها: القناه السعودية الأولى ببرنامج حياتنا، والقناة الثقافية ببرنامج صباح الثقافية، وقناة روتانا خليجية ببرنامج سيدتي، وقناة الدانة ببرنامج خواطر صبايا.
وتضيف: “أيضًا تم اختياري لإلقاء أول محاضرة حول تصوير المواليد بالقطيف بنادي الثقافه والفنون عام 2015م، حيث تكلمت عن مشروعي وسلم النجاح فيه”.
من أعمالها:
أعمالها الأولى
جانب من الإستيديو