خبأ عزمه على تحقيق حلمه بين أضلع قلبه، مسافرًا به ناحية الغرب، يبحث عن سبل تحقيقه، بعد أن أعياه ذلك في بلاده.. تعثر في ذلك ببعض الظروف، إلا أنه قاومها ليعود محلقًا بذات الحلم من جديد، مستعيرًا جناح الإرادة والشغف، ليتسلم اليوم مقصورة إحدى أكبر طائرات الخطوط السعودية.
هيثم توفيق الجشي، المنحدر من مدينة القطيف، واحدٌ من مساعدي الطيارين القليلين في المحافظة، بدأ مشواره العلمي بعد الثانوية، منصاعًا لرغبة أهله، إلا أنه حقق رغبته في الأخير، ليُلبِسهم تاج الفخر به مؤخرًا.
البداية
التحق الجشي في طفولته بمدرسة الشاطئ الابتدائية، ثم القطيف المتوسطة وبعدها القطيف الثانوية، ويذكر لـ«القطيف اليوم» أنه بعد تخرجه في الثانوية كانت رغبته أن يصبح طيارًا، إلا أنه تلقى معارضة شديدة من الأهل.
ويضيف: ”عندها حاولت الالتحاق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن ولكن معدلي لم يسمح لي بدخول الجامعة، وقررت حينها التوجه إلى أمريكا لدراسة اللغة الإنجليزية، ولكن لم تسمح الظروف بمواصلتي الدراسة هناك، فقررت العودة للوطن”.
ماذا بعد العودة
التحق الجشي بعد عودته بمعهد الإدارة في الدمام، إلا أن حلمه في دراسة الطيران لم يفارقه، بل عاد مجددًا ليطرق باب أحلامه، فكان يراوده شغفه بذلك المجال بين حين وآخر، ولأن الرغبة كانت قوية، فقد قرر أن ينتصر لحلمه، حتى وإن اضطره ذلك للبعد من جديد.
لم يكن أمامه خيار غير السفر إلى أمريكا مرة أخرى، وهناك التحق بإحدى الجامعات لدراسة الهندسة، إلا أنه كان يخطط أثناء وجوده فيها إلى كيفية إقناع أسرته بدراسة الطيران، حتى ولدت الفكرة، فقد قرر أن يقوم بالتسجيل في معهد “ويست ويند” لدراسة الطيران.
سر.. والفرحة لا تكتمل!
في عام 1999م وبعد أن اتخذ قرار الالتحاق بمعهد الطيران في أمريكا، جعل من تلك الخطوة سرًا، ولم يخبر به أحدًا، فقد كان ينتظر نتائج قبوله في المعهد، حتى أتت الموافقة وتوجه للدراسة، حينها أخبر أسرته بالأمر، ووضعهم أمام الأمر الواقع -حسب وصفه-.
إلا أن الفرحة لم تكتمل، حيث وقعت أحداث 11 سبتمبر في أمريكا، وكانت الأوضاع صعبة جداً على جميع المغتربين، فاضطر الجشي كغيره لأن يعود إلى أرض الوطن قبل إتمام دراسته.
لا يتوقف..
من لم يمنعه رفض أهله عن الركض نحو حلمه، لا يمكن أن تمنعه زوبعة في بلاد الغربة، يقول الجشي:” بعد أن هدأت الأوضاع عدت من جديد للدراسة في المعهد، وأكملت الدراسة حتى عام2003، وتمكنت من الحصول على الشهادة.
وأضاف: ”تدربت أثناء وجودي في المعهد على طائرة “152 سيسنا” وهي طائرة تدريب أساسي، واستعراضات جوية وتعد هذه الطائرة هي أول طائرة طبقت عليها اختبارات عملية”.
وعن شعوره تجاه تجربته الأولى قال:” لا أخفي أنه في بداية الأمر شعرت بخوف إلا أنه سرعان ما تلاشى”.
وبين أنه بعد تخرجه في معهد تعلم الطيران حاول التقديم في الخطوط الجوية السعودية، إلا أن التوظيف كان مغلقًا في ذلك الوقت، وبعد عامين من التخرج تمكن من التسجيل في الخطوط، وانتظر 6 سنوات في قائمة الاحتياط، ليتم قبوله بعدها.
وبدأ في الخطوط مساعد طيار عام 2009، ثم عمل على طائرة من نوع MD-90 وبعدها عمل على طائرة إيرباس 320، ويوم أمس فقط الجمعة 7 سبتمبر حصل على رخصة للعمل على طائرة إيرباس 330.
ختامها تحليق..
أنهى الجشي بحسب حديثه لـ«القطيف اليوم» 4500 ساعة طيران في الجو حتى الآن، طار فيها إلى أكثر من وجهة، غالبيتها في الدول العربية وبعض الدول الأوروربية وغيرها، ولم يواجه خلال رحلات التحليق أي مشاكل عدا بعض الصعوبات أثناء العواصف الجوية.
واختتم حديثه للشباب قائلًا: ”لا بد أن تكون لديهم إرادة قوية لتحقيق طموحهم، وأن يتمتعوا بروح التحدي، ويتجاوزوا كل المعوقات، للوصول للهدف”.
الجدير بالذكر أن الجشي يبلغ من العمر 43 عامًا، وأبٌ لطفل واحد فقط.