القديح.. الحليلي يعقد قران الخط بالورد

لم يكتفِ بجعل فن الخط العربي مُقتصرًا على لوحات المعارض أو وِرش المهرجانات بل اتخذ حبر قصبته زينة تزدان بها ورود الروز حين تُهدى بالمناسبات السعيدة ليجمع فنيّ الخط وتزيين الورد معًا في قالب هواياته التي يحبها، ليتطور مع الأيام ويمتد للكتابة على كل شيء يستحق التزيين بعبارات التبريكات والإهداء المتغنجة بانسيابات الخط الفريد.

الخطاط حسن قاسم الحليلي من بلدة القديح صاحب فكرة الكتابة على الورد كانت لـ«القطيف اليوم» وقفة مع مجمل إنجازه.

المرحلة المتوسطة كانت البداية

الموهبة تأتي غالبًا من الصغر، وهذا ما أثبته الحليلي بحديثه حين قال: “منذ صغري وأنا شغوف لرؤية الخطوط ومُحب للفنون بشكل عام لكن تعلقي بالخط جعلني أسلك طريق تعلم فن الخط والذي كان من المرحلة المتوسطة، والبداية كانت محاكاة من الكتب ومن ثم عن طريق التحاقي بجماعة الخط العربي بالقطيف حيث كانت البيئة المناسبة لتعلمي فن الخط على يد الأساتذه فيها منذ حوالي ما يقارب 10سنوات”.

وذكر أنه يعد أستاذه المبدع حسن الرضوان المعروف بعابد قدوته بفنون الخط وتركيباته حيث لا يزال ينهل من علمه ويتعلم منه.

غرفة خاصة ومعرض شخصي لطالب متوسط

وعن الدافع المشجع الذي أوصل الحليلي للذي وصل إليه اليوم ذكر أن حب الشيء والرغبة فيه مع الجدية بالممارسة والابتكار تصنع الإبداع، بالإضافة لتشجيع الأهل الذي لا ينساه، حيث إنه من الصغر أفردت له عائلته غرفة خاصة ليمارس هوايته بالخط فيها حيث تتوفر طاولة وإضاءة خاصة مع خلق جو الهدوء بها ليساعد في تهيئته للكتابة والتمكن من الخط، رغم أنه لديه أربعة أخوة كانوا جميعًا بغرفة مفردة وهو بغرفة خاصة، والجميع كان مشجعًا وراضيًا بانفراده.

وأضاف إلى هذا تشجيع المدرسة لموهبته حيث عمل له أستاذ الفنية معرضًا شخصيًا وكان من النادر أن يكون هناك معرض شخصي بمدرسة.

إنجاز خط ابن القديح

وعن إنجازته بالخط العربي تحدث الحليلي: “شاركت في عدة معارض داخل وخارج المملكة، حيث حصدت داخل المملكة المركز الثاني في معرض ومسابقة من تنظيم هيئة الثقافة والفنون بالدمام، وفي السنة التي تليها فُزت في نفس المسابقة بالمركز الأول، وأيضًا فزت في مسابقة صلاتي حياتي بالمركز الأول، وفي مسابقة مستشفى الموسى بالأحساء فزت بسبع جوائز اقتناء، وجائزة اقتناء من وزارة الإعلام” مضيفًا: “أما خارج المملكة فقد فزت بجائزة السعفة الفضية بعمان على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي”.

كيف انعقد قران الخط بالورد؟

فكرة الكتابة على الورد أول من ابتكرها الحليلي وعن نشأتها قال: “لأني أحب التجديد ودائمًا أسعى إليه في عملي مع كثرة التجارب والتفكير، ومحاولة مني للاستفادة من الخط العربي في عملي وهو تنسيق الزهور – ولله الحمد – استطعت أن أخرج بأسلوب متفرد في مجال تنسيق الزهور والهدايا بشكل عام
حيث إنه مع التجارب أتت فكرة الكتابة على الورد”.

وتابع: “وبدأت خاطرة الفكرة من تجاربي في الكتابة على الورق الأسود وكان الحبر أبيض بالطبع فقلت في نفسي لماذا لا أغير وأكتب العبارة على الورد نفسه؟ ومن هنا جاءت الفكرة وعرضتها بالمحل وبعدد من المهرجانات – والحمد لله – لاقت استحسان الجميع بحكم أنها شيء جديد ومميز”.

القيمة الفنية للخط

ودافع الحليلي عن قيمة الخط حين تم سؤاله؛ هل الخط مع الورد يزيد قيمته بالانتشار؟ أم تضيقه بصغر المساحة؟ فقال: “فن الخط فن غني والكتابة على الورد لغرض تجاري أكثر من كونها لغرض فني، وإن الكتابة بالأساليب التقليدية على الورق المقهر المجهز للكتابة والذي يُصنع خصيصًا للوحات الخطية الاحترافية حيث تتم معالجته بطريقة تجعله يدوم لمئات السنين من دون أن يتأثر؛ هي أفضل وتحمل قيمه فنية أكبر بكثير من الكتابه على الورد”.

مناهج الخط

وعن إزالة مناهج الخط في المدارس وتنبؤاته باندثار هذا الفن نفى الحليلي ذلك وقال: “لا أعتقد ذلك، فإن فن الخط في انتشار كبير واهتمام الناس لتعلمه أصبح أكثر من السابق”.

وعن الخطوط التي يتقنها ذكر أن الإتقان في الخط يحتاج وقتًا وجهدًا وقال: “أنا مازلت أتدرب على إتقانه، وأجد نفسي في خط النسخ وخط الجلي ديواني وما زلت أتعلم”.

وأفصح عن الصعوبات التي واجهها قائلًا: “لا أفكر أبدًا بالصعوبات ولا أجدها أمامي فبعملي أستطيع أن أعمل من أللا شيء شيئًا جميلًا”.

بعد 4 سنوات.. افتتاح الفرع الثالث بتاروت

وتحدث الحليلي عن عمر مشروعه بمحل الورد “حسن فلورز” وأشار إلى أن عمره فقط 4 سنوات ولكنه استطاع أن يتفوق على كثير من المحلات التي عمرها تجاوز الـ30 عامًا، والتميز في الإتيان بالأفكار في كل مناسبة، فقال: “أنا لا أستقر على تصميم معين دائمًا أفكر في الأفضل وهذا سر النجاح بلا شك، وفي هذه السنة قمنا بافتتاح فرع جديد في تاروت؛ ليصبح بذلك لنا ثلاثة فروع جميعها بإدارتي وإشرافي”، متابعًا: “كل الكتابات التي تطلب فتطلب مني أنا وأكتبها بنفسي وليس لدى أي عامل يساعدني في الكتابة فالخط من الفنون الصعبة التي تحتاج وقتًا طويلًا للتدريب فمن الصعب تعليم العمالة، وبالذات إذا كانت أجنبية”.

وعن أفكار الهدايا التي يصنعها بيّن الحليلي أن 80% منها من أفكاره والزبون يحدد له المبلغ وتكون الفكره تناسب السعر الذي حدده.

تقليد التقليد

وعن المواقف الطريفة بطلبات الزبائن التي تعرض لها في العمل؛ ذكر أنه في أحد المرات جاءته سيدة لتريه صورة من الجوال ليعمل لها شيئًا مثيلًا له، وبالمصادفة كان أن العمل الذي أرته إياه كان تقليدًا لبعض أعماله، وكانت فكرة جديدة فعرضها بحسابه في إنستجرام، لكن العمل الذي أرته إياه السيدة كان يشكو الضعف، وسألته بلهجتها القطيفية: “أكيد تعرف تسوي زيه؟ إذا ما تعرف قول لي؟”؛ فأجابها سأريك شيئًا يشبهه يجوز أن يعجبك فنحن من عملناه، وحين أراها صورة التصميم الأصلي التي كانت موجودة على حسابه؛ قالت له: “والله أنتوا تعرفوا تقلدو عدل أحسن من الأصل”، وهي لا تعلم أن الصورة التي أتت بها هي التقليد.

ونوه الحليلي إلى أنه لا ينزعج ممن يقلد أفكاره لكنه يفضل أن يتم الاستئذان منه، وذكر أنه ببداية تقليد فكرته بالكتابة على الورد كان لا يمانع تعليم من يريد بالكتابة عليه لأنها تحتاج معاملة خاصة وخفة مع بتلات الورد الرقيقة.

 


error: المحتوي محمي