احذروا الجوكر

لم يعد مصطلح الجوكر كما كان بالأمس، فسابقًا كان يشير وجود الجوكر إلى القوة، كالجوكر في ورقة اللعب أو اللاعب في ميدان المنافسة، ولكن يبدو أن الطفرة الإعلامية عبر وسائل التواصل بدأت تأخذ مكانها فيما يخص بعض المفاهيم المجتمعية، حيث طرحت بعض المفاهيم والمصطلحات في المجتمع وبالتحديد للمراهقين والشباب نظرًا لوجودها لديهم في العقل اللاوعي، وذلك بهدف التضليل أو التسويق.

وعلى سبيل المثال، كلمة جوكر في هذه الأيام، وخصوصًا عند المراهقين هي كلمة مشفرة، أي أنها أصبحت شفرة لأحدث أنواع المخدرات التي بدأت تخترق حدود الوطن، فقد تصدر الجوكر الإعلام وشغل المهتمين.

فقد ذكرت صحيفة “عكاظ” أن أمين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات في السعودية، قد حذر من خطورة هذا النوع (الجوكر) من المخدرات، على أنه لن يتم التهاون مع أي مروج، وقد كشفت تقارير أمنية في الكويت عام 2016 عن وجود مصنع للحشيش الصناعي كان يديره شخص يعمل في الوسط الفني وتمت إدانته بالسجن لمدة عشر سنوات.

إضافة إلى أن الصحف الأردنية أفادت في 2016 بأن كوادر إدارة مكافحة المخدرات تمكنت من القبض على 1021 مروجًا لمادة الجوكر الصناعي.

التقيت أحد مدمني المخدرات في مركز استشارات تابع لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، والذي تم توجيهه لاحقًا لأحد مستشفيات الأمل بالسعودية، وأثناء عمل التقييم النفسي خيل لي أننا في خضم أحداث الحرب العالمية الثالثة، حيث إن الضحايا هم الشباب والسلاح هو المخدرات، فقد كانت المادة الأساسية في التعاطي هي مادة الجوكر نفسها التي وجدت أنها لم تأخذ حجمها في الإعلام التربوي فيما يخص التوعية بأضرارها ومدى خطورتها على عكس الإعلام الأمني.

ما هو الجوكر؟ بكل بساطة هو حشيش صناعي ويطلق عليه “سبايسي”، ويسمى أيضًا “كيميكل”، والشبه بينه وبين الحشيش الطبيعي هو طريقة التعاطي، أي يؤخذ عن طريق التدخين، وكلاهما يحتوي على مادة THC المؤثرة على الخلايا العصبية، أما فيما يخص الفرق بينهما، فالحشيش الصناعي تكون قوة تأثيره أكثر 200 مرة من الحشيش الطبيعي، حسب ما أفادت مختبرات اللجنة الوطنية للوقاية من المخدرات.

ففي منتصف التسعينات وفي جامعة Clemson University أجرى الكيميائي John Huffman بحثًا لمعرفة تأثير مادة الحشيش على المخ، وتوصل في الوقت نفسه إلى اكتشاف تركيبة كيمائية تؤدى إلى ظهور نفس أعراض مادة الحشيش ولكن ذات تأثير أقوى.

كيف يبدو متعاطي الجوكر؟ نشرت إحدى الصحف الأمريكية أن متعاطي الحشيش الصناعي يتحول إلى ما يسمى “زومبي”، حيث يمشي ببطء شديد ويكون مثقل اللسان، إضافة إلى ظهور تشنجات وهلاوس بصرية وسمعية، أي يرى ويسمع أشياءً غير موجودة.

وقد وصف لي أحد المدمنين شعوره أثناء التعاطي قائلًا: “أشعر بأنني أسير في الهواء وعلى ارتفاع متر عن الأرض، وأسمع أصواتًا قادمة من السماء وتنادي باسمي”، وهناك من مدمني الحشيش الطبيعي من يكونوا قادرين على إنجاز بعض المهام كالقراءة أو الأكل أو حتى قيادة السيارة، إلا أن متعاطي الحشيش الصناعي يكونون غير قادرين على أداء أي من المهام نظرًا لأن الحشيش يعتبر مادة مثبطة، وكما ذكرنا سابقًا أن الجوكر أو الحشيش الصناعي تأثيره أقوى.

ما هو تأثير الجوكر على المتعاطي؟ جميع أنواع المخدرات تؤثر مباشرة على المخ والأعصاب، ولكنها تختلف حسب وظيفتها، فالحشيش الصناعي يؤدي لتسارع نبضات القلب، والتي من الممكن أن تسبب سكتة قلبية، كذلك تؤدي إلى فقدان الذاكرة وظهور أعراض نفسية كالاكتئاب أو الفصام وفشل في وظائف الكلى وتلف الكبد.

في النهاية لن تكون مكافحة المخدرات حاضرة لحظة تعاطي المراهق للمخدرات لتنقذ الموقف وتعيده نحو الصواب، وإنما خير ما يسعف الأبناء من الوقوع في المخدرات هو الوقاية التي تنصب على مسؤولية أولياء الأمور والمدرسة.

فعلينا ألا نغفل نهائيًا عن تثقيف أبنائنا بجميع أنواع المخدرات وكيفية الوقوع فيها.


error: المحتوي محمي