«العروسة والسبريم والقطان» تتطفل على المائدة القطيفية

على المائدة القطيفية؛ تربع السمك سيدًا منذ القدم، متنقلًا بين المقلاة تارةً، وتاوة الشوي تارةً أخرى، أو حتى في قاع القدور.. متباهيًا بأنه الأكلة التي تنال الحظ الأوفر بين أطباق السفرة خلال الأسبوع.

ولطالما عرف أبناء القطيف أنواعًا مختلفة من الأسماك، تتناسب مع خياراتهم في الطعم أو الميزانية، وجميعها موصوفة بالجودة لديهم وإن قل سعره أو زاد، أو شح وجوده أو كثر، إلا أننا في الآونة الأخيرة، وقبيل عامين تقريبًا بدأنا نشهد دخول أنواعٍ جديدة من الأسماك، من دول أخرى لها نصيبٌ كبير من البعد عن خارطة القطيف، وعلى الرغم من ذلك فقد بدأت في محاولة إزاحة أسماك  مكانها المنطقة عن مائدتها لتتربع هي على عرش تلك المائدة.

فقبل عامين إلى عامين ونصف؛ بدأت سمكة العروسة تجد مكانها على السفرة القطيفية، وقد كانت بدايتها محصورة في المطاعم فقط، إلا أنه في العام الأخير أصبح أهالي المنطقة يقومون بتجهيزها في بيوتهم، ويتفننون في طهيها، وإن كانت تطهى غالبًا بشيها في الفرن، وعلى الرغم من كونها سمكة لها طريقة طبخٍ واحدة إلا أن الكثيرين اعتمدوا وجودها ضمن أكلاتهم الأسبوعية على الأغلب.

وحاولت سمكة السبريم منذ عام ونصف العام أن تجد لها مكانًا على أطباق السفرة في القطيف، وقد نجحت هذه السمكة في ذلك، كما نجحت العروسة من قبلها، والقطان التي سبقتهما لموائد المنطقة منذ 4 إلى 5 سنوات.

وحول تلك الأسماك، يؤكد الناشط البيئي وعضو اللجنة الزراعية بغرفة الشرقية جعفر الصفواني لـ «القطيف اليوم» أنها جديدة على المنطقة، ويتراوح سعر الكيلو منها بين 15 إلى 20 ريالًا، مشيرًا إلى أن العروسة نالت شهرة أكبر مما نالتها السبريم أو القطان.

وأوضح الصفواني، أن أغلب المناطق في القطيف ألفت طعم تلك الأنواع، وبدأت تقدمها على سفرتها، مثلها مثل بقية أسماك المنطقة، إلا أن سمك القطان وجد جمهوره الأكبر في مدينة سيهات.

وتحدث عن طبخها بقوله: “اتخذت تلك الأسماك شكلًا واحدًا على الأغلب عند طهيها، حيث إن الغالبية تجهزها بطريقة “الدفتر”، بأن تشق السمكة من النصف بطريقة خاصة مع الإبقاء على جزء الظهر غير منفصل، لتفتح بطريقة تشبه طريقة “الدفاتر”، ثم تبهر وتحضر حسب الرغبة”.

وأضاف: “لم تنجح تجارب أبناء القطيف في طهيها قليًا، وذلك بسبب أنها تحمل كمية كبيرة من الزيت والشحم، وهو ما جعلهم يستطعمون لذتها بشيها داخل الفرن حتى تنضج بطريقة أفضل”.

وعن سبب تهافت الأفراد على شرائها، أوعز ذلك إلى لذة طعمها مقارنةً بسعرها وهو ما شجعهم على الإقبال عليها، مضيفًا أن المطاعم عرفتها أولًا، إلا أن ارتفاع سعر طهيها في المطعم هو ما دفع الناس إلى شرائها ومحاولة تجهيزها في المنزل.

من أين جاءت؟ وما الأسباب؟
بعد الحديث عن دخولها للمنطقة، ومحاولة تربعها على مصاف بسطات باعة السمك، آن لنا أن نعرف مصادرها، وهل هي واحدة من أسماك المنطقة بصفة خاصة أو الخليج بصفة عامة.

يؤكد كبير الصيادين بالقطيف رضا الفردان أن تلك الأنواع الثلاثة غير موجودة في السعودية، مشيرًا إلى أن أغلب الظن أنها قد جاءت من أنهار مياه عذبة.

ويوافقه الصفواني في كلامه، حيث يقول: “تلك الأنواع من الأسماك جميعها يتم استيرادها، ولا يتم اصطيادها في مناطقنا، كما يتعمد بائعوها إخفاء مصادرها خوفًا من المنافسة”.

وعن أسباب دخولها لأسواق الأسماك، بين أن ذلك يعود لعدة أسباب، منها قلة الصيد، وردم الكثير من الأماكن، منوهًا إلى أن 55% إلى 60% من أنواع الأسماك الموجودة في السوق مستورد.

وتابع: “سوق السمك بالقطيف حظيت بشهرة واسعة في السنوات الأخيرة، وأصبح روادها من مختلف الجنسيات، كما أن أهل المزارع السمكية يقصدون القطيف، وتلك من أهم أسباب دخول هذه الأنواع للمنطقة”.

مستورد، لكن المحلي يغلب
النوخذة السابق رضا آل عيسى “أبو حيدر” في حديثه لـ «القطيف اليوم»؛ يصنف تلك الأسماك كما يصنفها الصفواني والفردان، بأنها دخيلة على البلد، وعمر دخولها لم يتجاوز السنتين فقط.

وأشار آل عيسى إلى أن العروسة اسم اختلقه أهالي المنطقة لسمكة الـ”الإسبرانتو”، ويعتقد أن أكثر من روج لها هم أصحاب المطاعم.

ونفى أن تلك الأسماك تنافس في طعمها أسماك الخليج، وقال: “هناك أسماك خليجية لم تعرف سابقًا ولم يأكلها أهالي القطيف من سابق الزمن كالناجل والشخل والنعيمية على سبيل المثال، إلا أن كثرة توافد العمال الآسيويين على المنطقة وتناولهم لها شجع أبناء القطيف على تناولها، وهي أسماك لا يمكن للعروسة أو السبريم أو القطان أن تصف بجانبها”.

وتابع: “لدينا أيضًا أسماك يتم اصطيادها من المناطق القريبة من الكويت، كالنقرور والشماهي، وتعتبر أسماك رهيبة”.

وترحم بكل أسف على أيام سمك “السوّد” – السوّد البرطام- معتبرًا أن ذلك النوع غير المتواجد بكثرة حاليًا كان ينافس حتى سمك الهامور، إلا أن الأخير غلبه لكثرته، مشيرًا إلى أن الذي ينافس “الهامور” كيف لا ينافس الأسماك النهرية الدخيلة؟ -حسب وصفه.

في الأخير، يبقى الحكم للمتذوق، ولكل ذائقة استطعام ما تشتهي، وتبقى الأذواق متفاوتة حتى في الطعام، فعلى الرغم من أن البعض لا يفضل تلك الأنواع الثلاثة كوجبة تقدم على مائدة منطقة عرفت بكونها مركزًا لتصدير الكثير من الأنواع سابقًا، إلا أن غيرهم الكثير يجدون أن الطعم والثمن يحكم وجودها على “السفرة القطيفية”.


error: المحتوي محمي