من التساؤلات التي طرحها الفيلسوف اليوناني “أفلاطون” كيف يمكن لحكومة منتخبة ديمقراطية أن تقتل أفضل البشر؟ ألم يكن معلمه “سقراط” قد كرس حياته لتوعية البشر وتربيتهم وتثقيفهم وكذلك يحب الخير للمجتمع والدولة؟ فلماذا قتلته الدولة؟ تربية الفرد وإنشاء الأجيال وتكامل الفرد والتطوير العلمي والعملي يكون مسؤولية الدولة؟ توجد عندنا دول تأخذ حكم العدالة والرحمة وتسعى إلى تطوير الفرد في يومنا هذا – بفضل الله تعالى.
كذلك الفلسفة الأفلاطونية في إيجاد نموذج من الأخلاق والعدالة والرحمة تتحقق عند منبر الحسين (ع) حيث تتجمهر الناس حول منبر الإمام الحسين (عليه السلام) دون دعم من مؤسسات أو شركات وتجد كوادر تعمل في تنظيم ساحات المنابر بعمل طوعي ويعملون على استضافة الجماهير فكل هذا الجهد من الأعمال حبًا بالإمام الحسين (ع) وليس لشيء آخر ولا ننسى دعم الجهات الرسمية من حماية وتنظيم لحركة السير في جعل أيام محرم أكثر سهولة؛ فجماهير الحضور تأخد من المنبر نماذج من تكامل النفس ونشر العدل وقيم الأخلاق الرفيعة.
فالرحمة جسدها الأمام الحسين حين أصابه الحزن وأخذ يبكي على من قامو بقتله فهو لا يريد لهم الغضب من الله بسبب قتله ويرفض شرب الماء وهو الرئيس قبل أن يشرب من معه وإلى درجة رفضه للماء قبل أن يشرب حصانه.. الحسين (ع) يرفض قيمة الحرية ويدفع بثمنها من الدماء الزكية في رفض البيعة إلى الخليفة المرشح، ويتوسع الجمال في مصداقية القائد والشفافية مع الجنود فربما يكون إحراج للجندي التراجع أمام القائد فيصرح الإمام: “إذا أتى الليل وفي الظلام بحيث لا تراه عين؛ يستطيع أي جندي الانسحاب من المعسكر”، حين أثار عنه في كلماته المشهورة: “هذا الليل فاتخذوه جملًا فإن القوم إنما يريدونني ولو قتلوني لم يلتفتوا إليكم وأنتم في حل وسعة”.
الحسين (ع) كان يبحث عن العدل ومحاربة الظلم ولم يكن باحثًا عن مجد وسلطان فكان مسالمًا ولم يرد الحرب العسكرية بل جعلها في الاختيار الأخير؛ فالنصر والفوز والخلد بالفكر والعلم ليس بالسلطة والبطش العسكري فالعالم يرى نتائج الفوز بالفكر والعلم أين وصل مقام الإمام الحسين (ع) حيث يتزاحم عليه أكثر من 20 مليونًا سنويًا بمقامه الشريف في كربلاء في ذكرى الأربعين من شهر صفر كي تأخد الفكر والأخلاق ومنهج العدالة من مقامه الشريف.. لو أن أفلاطون تقدم من الزمن في عصر الإمام الحسين (ع) لكان أول التابعين له حيث يرى الجمال الخلقي ويرى نظريات فلاسفة اليونان تبرمج في الواقع.