التدريب.. التدريب.. التدريب

من التجارب الشخصية التي نصادفها، وتزامنًا مع قرب تطبيق قرار توطين المهن بمنافذ البيع لأنشطة:
محلات السيارات والدراجات النارية، والملابس الجاهزة وملابس الأطفال والمستلزمات الرجالية، ومحلات الأثاث المنزلي والمكتبي الجاهز، والأواني المنزلية، يفرض موضوع التدريب (تدريب موظفي المواجهة تحديدًا) نفسه، فمازالت هناك نافذة واسعة للتطوير وسد الفجوة الملحوظة التي تعاني منها منافذ البيع بأنواعها.

وتتلخص هذه الفجوة في جانبين اثنين هما: شكلي؛ والذي يتمثل بالمظهر العام للموظف الذي يتعامل مع العملاء، من حيث إبداء الاستعداد المناسب لأداء مهمته وخدمة العملاء، وقدرته على ترك مثل هذا الانطباع لدى العميل، والثاني حرفي؛ ويتمثل في الإلمام الكافي بطبيعة العمل والمهارات الإضافية اللازمة التي يحتاجها موظف المواجهة.

لقد شاهدنا -للأسف- كيف زادت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الطين بلة -كما يقال- بالتشدد والتعسف أحيانًا في اشتراطاتها وتعاملها مع مراكز التدريب الأهلية في المملكة، فأصبحت الكثير من مراكز التدريب الأهلية الصغيرة والمتوسطة خصوصًا تحت مقصلة الإغلاق، في الوقت الذي يشهد فيه سوق العمل -سيما بعد إجراءات وزارة العمل الأخيرة- الحاجة إلى مزيد من البرامج التدريبية التي تستهدف قطاع الموظفين وموظفي المواجهة تحديدًا.

إذا كانت أنشطة وخطط وزارة العمل والتنمية الاجتماعية هي الإكسير والعسل المصفى لمعالجة التشوهات التي يعاني منها سوق العمل في المملكة، فإن كل هذه الجهود دون التدريب المناسب ستصبح مثل عملية إضافة الخل لهذا العسل.

وعلى مستوى منطقة القطيف، فقد شهدنا تطورًا واضحًا في الشكل الخارجي والداخلي للمحلات التجارية سواءً الصغيرة منها أو الكبيرة، لكن بعض المحال بدلًا من أن تعمل على استقطاب عملاء من خارج منطقة القطيف مثلًا، اختارت الزيادة في أسعار السلع والخدمات التي تقدمها نظير هذا الاستثمار في شكل المحل للتعويض، ولكن يبدو أنها أهملت الاستثمار في العنصر البشري.

ولعل هذا الحديث موجه أولًا لأرباب الأعمال قبل الموظفين، إننا الآن أمام تجربة ماثلة أمامنا وجدير بنا أن نتعلم منها، فتجربة بعض الأجهزة الحكومية التي قررت جعل عملية مراجعة الجمهور لها تتم عبر مواعيد مسبقة مازالت حية، فلقد استثمرت مبالغ طائلة في سبيل تنظيم وإدارة عملية مراجعة الجمهور لها، ولكن النتيجة النهائية بعد كل هذا الاستثمار الضخم في التقنية هي: أن عملية المراجعة اُضيفت لها خطوة إضافية وهي الحصول على موعد مسبق قبل الذهاب للمراجعة، وجاءت النتائج على حساب المستفيد، إذ أصبحت عملية المراجعة تستغرق وقتًا أطول من السابق!

لم يكن العيب في التقنية الحديثة التي تم استخدامها، ولا في إضافة خطوة الحصول على موعد مسبقً، بل في عدم الاستثمار المناسب في تدريب موظفي الواجهة.

عندما نؤمن أن موظف الواجهة هو أفضل أداة للتسويق والإعلان للمحل، وعندما نخشى أن يتحول إلى أقوى منافس وعدو للمحل، عندها سوف يكون للتدريب الأهمية التي يستحقها لدى أرباب الأعمال والجهات الحكومية التي تتعامل مع الجمهور، وسوف يصبح التنسيق مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني جزءًا من منظومة الحلول.


error: المحتوي محمي