قولوا: يا رب

يأتي العيدُ بعد أيامٍ ونحتاج أن نقول: “يارب”. الياءُ حرفُ نداء ورب منادَى والمنادِي أنا وأنتم وكُلُّ مخلوق. كلمةٌ يقولها كُلُّ البشر وتحس بها كل المخلوقات. يتعدد المنادِي وتتعدد الأماني والمطالب في استرحامِ الإنسانية التي لم تترك أمنيةً زهريةً إلا لونتها باللونِ الأسود. يا رب تأتي عفويةً للاحتماءِ بالقدرةِ المطلقةِ عندما يكون الضعفُ مطلقاً والحاجاتِ لا متناهيةً والقادم مجهول.

ليس لنا سوى الاحتماءَ بالرب وفي أيدينا الكثير من الصلاةِ وغسل الدموع والتذكر أن الإنسانَ الذي خرب الأرضَ هو الذي يعمرها ولو يومَ العيد. يأتي عيدُ الحج قريبًا وتنكشف رؤوسُ العابدين تحت شمسِ الطاعة أيامًا قليلةً وتبقى رؤوسُ الفقراءِ دونَ غطاء. يجوع الحجاجُ ويعطشونَ ساعاتٍ ويجوع ملايينُ الأطفال في العالمِ جُلَّ أعمارهم. يغيب الحجاجُ عن أهلهم أيامًا ويعودونَ ويتيه في الأرضِ ملايينٌ من البشر لا يعرفون أين ولدوا كأنهم طيورٌ مهاجرةٌ أضاعت بوصلتها التكوينية. قولوا يا رب أعطِ كُلَّ البشر ما أعطيتَ من وطئَ أرضَ مكة.

يارب نرجوكَ قبلَ العيدِ أن تصدح الحناجر
الشكرُ لكْ قد أُغمدتْ كل السكاكينِ والخناجر
تهدهدُ الأمُّ الرضيعَ ليس في قاموسها المقابر

هذي أمانينا أليست سهلة؟! فقط قولوا يا رب. إذا نظرتَ الليلةَ إلى السماءِ زينتها الكواكبُ مُدَّ يدك إلى الأمامِ وارفعها قليلًا واستمطر السماء. ربما لن تمطركَ السماءُ ذهبًا أو دنانير ولكنها تعطيكَ ما هو أعظم. احنِ رأسك وتذكر أن الفقيرَ يحتاج إلى المالِ والمتعبُ يحتاج إلى الراحة والمريضُ يحتاج الشفاء ومن في الحربِ أن يعود، وتقول له أمه: مرحبًا يا بني، لقد اشتقتُ إليك.

يأتي العيدُ قريبًا ويحتاج البشرُ أن يقتربوا من إنسانيتهم ويقولون يا رب ماذا لو كنا على الضفةِ الأخرى من النهرِ هل يكون هناك من يرمي لنا حبلَ النجاة ونعبر!  سوف نكونُ نحنُ من يرمي الحبل. ليس البشر فقط من يشاطر الناسَ الغلات وغنائم الحياة ولكن من يشاركهم التعبَ وشوكَ جني الثمار.

قولوا: “يارب”…


error: المحتوي محمي