قد يعتقد البعض أن عمل الصيدلاني يقتصر على بيع الدواء، فهو في نظرهم مجرد بائع وليس مختصًا، حتى أن الكثيرين لا ينادونه بلقبه وإنما بـ “أستاذ”، كما أن تقبل المرضى لنصائحه أو رفضه لصرف دواء معين نتيجة قوانين وزارية أو اعتذاره لعدم توفر الأدوية لسبب أو لآخر تشكل له معاناة خاصة.
وكبقية المهن، فإن مهنة الصيدلاني لا تخلو من المواقف التي تثير الضحك تارةً وتستدر الدمعة تارةً أخرى، وقد تصل بعضها إلى ذروة الإحراج.
«القطيف اليوم» رصدت بعضًا من تلك المواقف التي يتعرض لها الصيدلاني خلال يومه، وبين الضحك والدمعة والغضب كانت تلك الحكايات.
يسرد الصيدلاني أيمن حسن آل طلاق لـ«القطيف اليوم» مسار تسلم الوصفة، فقال: “من المعلوم أن المرضى يتنوع تعليمهم ومنهم من لا يملك إلا طيبة القلب والابتسامة الجميلة”.. متابعًا: “أحد المواقف التي مررت بها قبل قليل؛ وصف الطبيب مرهمًا مسكنًا للعضلات ومضادًا للالتهابات لأحد المرضى، فطبعت الوصفة وتم التأكد من صحتها من قبل زميلي وسُلمت لآخر لتحضيرها والذي سلمها لي في الخطوة الأخيرة؛ لأنادي بالرقم الموجود في داخلها وبدأت بالتأكد من هوية المريض وفتحت ملفه لأصرف له العلاج وأخبرته أنه دهان مسكن للألم ومضاد للالتهابات يستخدم 3 مرات باليوم”، مستطردًا: “أخذ علاجه ومشى، وبعد ثانيتين رجع لي” وقال: “يا دكتور ما قلت لي قبل الأكل أو بعده لأنني أعاني من مشاكل الباطنية؟”، فقلت له: “أبي الغالي هذا العلاج موضعي ليس له علاقة بالجهاز الهضمي وإنما يتم امتصاصه عن طريق الجلد”، فأجابني: “طيب شكرًا لك والسموحة يا وليدي أنا لا أقرأ ولا أكتب”.
وذكر موقفًا آخر أثار في نفسه الألم فقال: “الكل يعلم أن نقص الأدوية وارد، ذات مرة كنت أغطي في إحدى صيدليات العيادات الخارجية وتسلمت شباك الصرف الخاص بالنساء حتى تنهي زميلتي صلاتها، وبدأت أفحص الوصفة للسيدة الواقفة أمامي اتفاجأت بأنها لم تصرف علاجها من 3 أشهر مع العلم بأنها مريضة سكر وضغط وتحتاج لهذه الأدوية التي تتعدى 12 علاجًا!”، قلت لها: “أمي ليش ما صرفتي علاجك كل هذا الوقت وتركتي مواعيدك تفوت؟ الآن النظام أغلق وصفتك ولا يمكنك صرف علاجك إلا بمراجعة الدكتور!” فأجابتني: “يا وليدي أنا مرة كبيرة وزوجي متوفى ولا يوجد لدي أولاد فأنا أعتمد على أهل الخير في إيصالي إلى هنا فبيتي بعيد ولا أعرف وين أروح داخل المستشفى!” وأضاف: “فطلبت منها أن تستريح، وأخذت رقم الملف واتجهت للعيادة الشاملة وجددت علاجاتها وذهبت للمواعيد وحجزت لها أقرب موعد لمعاينتها من قبل دكتورها! ورجعت للصيدلية وصرفت لها علاجها ووضعته في كيس وشرحت لها كل علاج وطريقة استخدامه”.. فقالت لي: “روح يا وليدي الله يوفقك ويكثر من أمثالك” فقال: “أحسست براحة وفي نفس الوقت حزنت على حالها!”.
أما الصيدلاني أمين المبيريك فتحدث عن المواقف المتكررة والتي – بحسبه – تسبب ربما نوعًا من الضيق حيث إن أغلب الناس حتى المثقفين لا يفهمون دور الصيدلي الحقيقي ومهامه، وكثيرًا ما يرفضون الانتظار عندما نبلغهم بأننا نرغب مراجعة الطبيب للتأكد من معلومة ما بخصوص الدواء أو الجرعة فيرد أغلبهم بمثل هذه العبارات: “أنت تفهم أحسن من الطبيب أو الاستشاري يعني؟! اصرف اللي كتبه وما عليك!” وللأسف في كثير من الأحيان يكون الطبيب بالفعل أخطأ في ذلك نتيجة الضغط بالعيادة فكتب دواءً لزيد وهو يظنه لعمر أو أخطأ بكتابة دواء يتعارض مع الحالة المرضية لمريض.
وأكمل بأن هناك حادثة جديدة وصلته من عيادة التثقيف الدوائي لمراجع يصرف دواء لزوجته وتم تغيير العلاج لها لدواء جديد يستلزم إجراءات معينة لصرفه وكذلك لإعطائه أول مرة والصيدلاني هو المسؤول شرح ذلك للطبيب ليذكره؛ لعله اشتبه مع دواء آخر، إلا أنه أصر على أنه الطبيب وأن التوصيات تغيرت، فتم مراجعة المصادر العلمية المتوفرة لديهم بالإدارة والتأكد من عدم تغيير هذه التوصيات فتم الرجوع للطبيب وإبلاغه بذلك وأنه لا مانع لديهم من الأخذ برأيه إن كان لديه دراسة أو بحث جديد يستند عليه إلا أنه أصر مما دفع بالمراجع طلب صرف الدواء على مسؤوليته، وتم رفع الأمر للخدمات الطبية للبت فيه والتي أيدت طلبه مع الصيدلي بإرفاق ما يدعم رأي الاستشاري.
وحكى موقفًا أخير عنونه بـ”ريال العيد” فقال: “من أكثر المواقف طرافة والتي تتكرر كثيرًا موقف ريال العيد، فحين توزع العيديات في العيد وفجأة من كثرة الأطفال تخلص الريالات وتصير محرجًا أمام من لم يأخذ العيدية فتقول له: بعدين بعطيك عيدية لكن ما يفهمك!”، فنفس الشيء يصير وأنت واقف على الشباك تصرف لمريض دواء معينًا ويكون المريض الذي يليه ينتظر فتقول له: الدواء غير متوفر حاليًا اتصل بنا بعد كم يوم وسيصل – إن شاء الله – وما يقتنع ويبدأ الكلام الحلو اللي أكثره إزعاج: “تصرفوا لخوياكم لكن احنا لنا الله”.