أولو الألباب..

من النعم التي تفضل بها المولى – سبحانه وتعالي – على بعضنا؛ الحاسة السادسة أو ما يطلق عليه الحدس.

ما هي الحاسة السادسة؟
الحاسة السادسة هي تطور في إدراك أحد الحواس تجعل الشخص يشعر أو يدرك أمورًا لم يدركها الآخرون من حوله، وهذا لا يُعتبر أمرًا خارقًا للعادة، لكنّه من الممكن أن يحدث نتيجة تخزين الدماغ لشتّى المعلومات فيما يتعلّق بموضوعٍ ما؛ طبعًا بعض الأحيان نطلق على من يتمتع بهذه الخاصية أن عنده بعد نظر.

ربما الكثير منا عنده هذه الحاسة السادسة أو بعد النظر لنلقي نظرة على بعض الأمور التي تحدث معنا.

أتذكر من الأحداث التي مرت بنا في منطقتنا حادثة الحريق التي كان ضحيتها ما يقارب 76 وفاة والمئات من المصابات؛ فهنا بعض الشواهد التي تساعدنا على الاستدلال.

قبل تلك الحادثة بأسبوعين تقريبًا تقول إحداهن انتابني حزن شديد ووجع لفقد شيء ما كنت أعرف ما هو وما السبب لهذا الحزن، إلى الليلة الموعودة التي حدث فيها الحريق حيث أصبح الكل في حالة من الهلع والذهول من هول المصاب، بعدها تحول الألم والحزن والوجع إلى حالة من الراحة وكأني في حالة شديدة من الظمأ وبشربة ماء باردة أطفأ ذاك الظمأ والعطش، طبعًا كان لنا نصيب كبير من حالات الإصابة والوفاة.

وكأن هذا الحدس أعدني لتحمل مسؤولية المصابين عندنا فكانت عندي طاقة قوية من التحمل ساعدتني على القيام بواجبي اتجاه والدتي وأختي وأخي المصابين، ناهيك عن حالة الوفاة والأوجاع الأخرى.

هذه من حالات الحاسة السادسة وغيرها طبعًا هناك حالات كثيرة تحدث لنا ونشعر بها قبل حدوثها.

ومن الحالات التي تمر بنا في بعض الأحيان نصاب بحالة من النشوة والفرح والقشعريرة ورغبة في البكاء من غير سبب؛ إذًا هذه الأمور كلها مقدمة لأخبار مفرحة وخير قادم وفي كل الحالات علينا بالصدقة فهي مفتاح الرزق.

قال الإمام علي (عليه السلام): “استنزلوا الرزق بالصدقة”.
البحار: 78 / 68 / 13.

أيضًا الصدقة تدفع البلاء، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): “الصدقة تدفع البلاء، وهي أنجح دواء، وتدفع القضاء وقد أبرم إبرامًا، ولا يذهب بالأدواء إلا الدعاء والصدقة”.
البحار: 96 / 137 / 71.

جانب آخر من الحاسة السادسة أو الحدس تلك البرمجة العجيبة التي تحدث داخل دماغنا وهي عملية ربط الأحداث والكلمات وتحليل المواقف وإعطاء النتائج فبعض الأشخاص يتمتعون بقدرة عجيبة على ربط الأمور وفهم حركات الناس وأقوالهم بطرق تجعلهم يخطون الخطوة اللاحقة لهم بناء على حركة الجسد أو فتحة العين أو حركة اليد، فهي أمور تجعلهم يشعرون بصدق المحدث أو كذبه، وكذلك تجد بعض الناس على قدرة عالية من فضح الشخص من نبرة صوته.

ومن الأشياء التي تحدث لنا أيضًا، ربما يخطر على بالنا شخص من زمن لم نره وفجأة بعد فترة بسيطة نرى هذا الشخص.. أهي الحاسة السادسة أما صدفة؟
ونكون في حالة استغراب، اليوم هذا الشخص يمر على بالنا
وفجأة نسمع عن حالة وفاته أهو أيضًا من الحدس؟
وهذا ما يجعلنا نفكر ونتأمل في أمر آخر:
لماذا بعض الأشخاص يقرأون أفكارنا قبل أن نتكلم؟
بعض الأحيان نفكر في شيء ونرى الطرف الآخر يتحدث عنه.

إذًا هذه أمور نعيشها وتمر علينا يوميًا، ومن منا لم يجلس من النوم وهو في حالة انزعاج وضيق لا يعرف سببه ويمكن أن يستمر معه الضيق إلى آخر النهار، وأحيانًا يكون العكس، حيث تكون عنده حالة من السرور والفرح والراحة من غير وجود أي مؤثر لذلك.

وفي النهاية هذه مجرد أمور عادية ممكن أن تكون عابرة، فنحن جميعًا نؤمن بالتحليل المنطقي والعلمي وألا نعتمد على التكهنات.

فأولوا الألباب أهل العقول الكبيرة وأهل البصائر العقلية المتفتحة الذين ضبطوا أنفسهم ضمن إطار العقل.. قال تعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَاب﴾ [آل عمران أية: 7].


error: المحتوي محمي