لعلنا الآن أصبحنا في زمن ليس مناسبًا فيه الاستمرار في الحديث عن أهمية التدريب، فلقد تجاوزنا هذه المرحلة وبتنا اليوم نتحدث عن تفاصيل التفاصيل للعملية التدريبية والأشواط التي قطعتها، وآفاق المستقبل لقطاع التدريب في المملكة.
إننا نناقش أهمية توطين التدريب لجعله قطاعًا منتجًا قادرًا على تلبية الاحتياجات التدريبية للسوق المحلية، ومستقطبًا لحصة معتبرة من سوق التدريب الخارجية.
إن الخصخصة والتقدم العلمي والتقني وإدخال التقنية بأنواعها جميع المرافق الحكومية تقريبًا، جعل الحاجة للتدريب بدءًا من المهارات الناعمة أكثر إلحاحًا لمواكبة هذه التغيرات المتوالية والسريعة، لقد أصبحت سوق العمل بحاجة للإبداع والابتكار أكثر من قبل وأكبر من أداء العمل بطريقة ميكانيكية صرفة.
معهد الإدارة العامة كان تجربة رائدة للتدريب في المملكة، ومفخرة على مستوى العالم العربي قبل أن يصيبه الضمور، حيث لم يعد كما كان سابقًا، لقد أصبحنا نشاهد الان توجه عدد من الأجهزة الحكومية إلى إرسال موظفيها – وعبر مراكز تدريب محلية – لمختلف دول العالم لإلحاقهم في برامج تدريب على مهارات عادية جدًا يمكن أن تقام هنا في المملكة.
الأمر الأكثر غرابة هو التعسف في الإجراءات الرقابية التي تطال مراكز التدريب المحلية وفرض الشروط والرسوم المختلفة عليها بشكل يجعلها عرضة للإفلاس وإغلاق النشاط، كما حدث لعدد منهم، سيما في المدن الصغيرة في المملكة.
إن الاستطلاع السريع لأداء موظفي خدمات العملاء والمستفيدين في القطاع الخاص والعام يكشف لنا بجلاء مدى الحاجة للتدريب لمن هم في هذه المواقع المهمة، ولا يختلف الأمر كثيرًا عندما نصعد إلى المستويات الإدارية العليا المسؤولة عن الرؤية والاستراتيجية للمنظمة التي يديرونها.
باعتقادي أن مراكز التدريب الأهلية في المملكة كما هي بحاجة للتصنيف، هي أيضًا بحاجة للدعم ولو برفع الأعباء المالية الجديدة والإجراءات التعسفية التي تفتك بقطاع التدريب، لكي لا نصبح بعدها بدون قطاع تدريب أهلي قوي قادر على تلبية الاحتياجات التدريبية للمملكة ومنافس في أسواق التدريب الخارجية.