نبذًا لمظاهر الإسراف.. عروس تتخلى عن ليلة زفافها في القطيف

حلمٌ أبيض يراود كل فتاة منذ بداية إدراكها لمعنى الفرح، منذ طفولتها لا بد وأن تحلم بأن تكون عروسًا ترتدي فستانها الأبيض، تزفها كل العيون وهي تتجه إلى “كوشة زفافها” نهاية ممر الصالة أو قصر الأفراح، ولربما خاطت في مخيلتها حتى تفاصيل فساتين أخواتها، ووجبات الزفاف، وتوزيعات المعازيم وغيرها.. ذلك كان مجرد حلم، ولكن ماذا لو كان الواقع مختلفًا؟!! ماذا لو نفضت غبار خيالاتها وقررت بكامل إرادتها أن تكون عروسًا بسيطةً في كل شيء.

“حوراء تركي إخوان” شابة في مقتبل العمر، زفت على زوجها في مطلع شهر شوال الماضي بحفلة زواج متواضعة جدًا، هي من قررتها، واختارت أن تكون تفاصيلها محاطة بفرح الأهل وأصواتهم، بعيدًا عن صخب حفلات الزواج المعتادة وتكاليفها الباهظة.

“حوراء” لم تتكلف في حفل زفافها للرجال والنساء غير 7 آلاف ريال، وهو المبلغ الذي قد يضرب بـ 10 في الحفلات الأخرى، وقد جاءت تلك المصاريف موزعةً على فستانها الأبيض وتزيينها والحناء والمصورة بالإضافة إلى “استراحة” بسيطة أقيمت فيها المراسم ووجبة العشاء بحضور أهلها وأهل زوجها وخالتها فقط، ومن جانب الرجال كان والدها وإخوتها وزوجها وإخوته قد اجتمعوا في مجلس بيتهم للاحتفاء بتلك المناسبة.

وأكدت “إخوان” في حديثها لـ «القطيف اليوم»، أنها ضد مظاهر الإسراف والتبذير، أو المبالغات غير المحمودة في الأعراس، ولطالما راودتها الرغبة في أن تجد تلك الحفلات ذات يوم تميل إلى المعقول في المصاريف والتكلفة، وهو الأمر الذي جعلها تبادر بنفسها رغم توفر المادة وعدم قصور ذات اليد لديها، متجاهلةً أي تعليقات سلبية قد توجه لها أو لعريسها.

وقالت: “الفرح لم يكن يومًا بحفلة صاخبة، ومجاراة كل ظاهرة جديدة تدخل على مجتمعنا في تلك المناسبة، الفرح منبعه الرضا في داخلنا، وأنا وزوجي وعائلتانا كنا راضين تمامًا عن قراري”.

وأضافت: “بعد التفكير في الأوضاع الاقتصادية حاليًا ونظرًا لتفشي الغلاء في كل أمور الحياة قررت ألا أكلف زوجي أو أهلي وحتى نفسي فوق طاقتنا، وقد تمت حفلة زفافي بخير وسعادة، وأفضل بكثير من الحفلات المعتادة”.

وتابعت: “حلم كل فتاة أن تمر بكل مراسم الزواج بفستانها الأبيض، نعم أنا فعلت كل ذلك ولكن بعقلانية”.

أما والدها – تركي إخوان – الذي شجعها على قرارها فقال: “‏لقد كانت فكرة الزفاف غير المتكلف هي فكرة ابنتي، إلا أننا جميعًا أيدنا قرارها وشجعناه، وذلك بهدف عدم تكليف زوجها فوق طاقته، وهذا ما نراه في الكثير من هذه المناسبات، وهي ‏أيضًا لا تريد أن يصبح على زوجها ديون متراكمة لا داعي لها، فكان قرارها محل مباركتنا”.

وأوضح والد العروس – أحد سكان منطقة القطيف – أن ابنته موظفة خدمة عملاء في أحد المراكز التجارية، وهي من عائلة معروفة، مشيرًا إلى أن قرارها لم يكن نابعًا من ضعف الحال أو عدم الاستطاعة، وإنما كان نتاج تفكير ووزن للأمور، ‏مضيفًا: “ابنتي ترى المناسبات والإسراف فيها مما نهى الشرع عنه، ‏ففضلت أن تبتعد عن ذلك”.

حوراء عبرت عن سعادتها بأن تجد صدى قرارها منعكسًا على محيطها، حيث تنتظر زفاف إحدى صديقاتها في عملها، بنفس النهج الذي سارت عليه وبتكاليف أقل أيضًا، بعد أن أعجبت بما قامت به.

وتأكيدًا على أن ليلة العمر تبقى مخلدةً لحظاتها السعيدة في ذاكرة الأهل والأحبة أيًا كانت تفاصيلها، تذكر أخت العروس الصغرى: “الزواج يعني الفرح، ونحن فرحنا واستمتعنا في زواج أختي، ورأيناها بفستانها الأبيض حتى وإن كان الحفل خاليًا من البهرجة، إلا أنه كان حفلًا محفوفًا بمشاعر الفرح”.


error: المحتوي محمي