طبيعة الحياة: اقتضت حكمة رب العالمين أن تكون حياة البشر على الأرض مزيجًا من السعادة والشقاء والفرح والحزن، ومن المستحيل أن ترى لذة غير مخالطة بالألم أو صحة لا يكدرها تعب أو سرورًا دائمًا.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [الإنسان: آية 2].
الحياة لا تسير على وتيرة واحدة متصرفة بأهلها حالًا بعد حال مما يجعلنا في حالة صراع دائم مع مشاكلها وهمومها وإن ما نشعر به هذه الأيام من فقدان الإحساس بطعم الأشياء، حيث إن لكل منا نظرته الخاصة، فما تراه أنت يختلف عما أراه أنا، فأنت تنظر بزاوية غير الزاوية التي أرى منها وهذا مما يوجد الاختلاف في وجهات النظر.
البعض تكون نظرته محدودة لا تتجاوز بين عينيه؛ لذا فهو كثيرًا ما يقع في المشكلات مما يجعل أفقه ضيقًا وهذا يحول بينه وبين التوصل لأي حل فهو يلجأ إلى حالة التخدير فتكون عنده حالة شلل مما يفقده القدرة على المواجهة والتصرف لتجاوز المشكلة فهذا ينطبق عليه مثل: “لا يحل ولا يربط”.
بينما هناك من يعش حالة التجاهل ويعتمد على المسكنات فهو يدور في حلقة مفرغة ليس لها حل؛ ما تلبث المشكلة نفسها أن تعاوده من جديد وهذا ينطبق عليه: “ارمِ وراء ظهرك وامشِ”.
أما حالة التحايل التي يسلكها البعض في التعامل مع المشكلات حيث يبحثون عن منافذ وطرق قد تكون ملتوية وغير شرعية في بعض الأحيان وهذه لا تحل المشكلات من جذورها بل يكون الحل مؤقتًا وربما يوقع في مشكلات أكبر؛ وهذا النوع ينطبق عليه: “ألف ويدور”؛ بمعنى آخر حيال.. وهو متواجد بنسبة كبيرة فهو يسبب المشكلات ويخرج منها كما تخرج الشعرة من العجين.
وهناك من يستخدم أنصاف الحلول لتبقى المشكلة معلقة؛ كلمات رائعة ومعبرة نقدمها لأنصاف الحلول، إذا صمتّ، فاصمت حتى النهاية، وإذا تكلمت، فتكلّم حتى النهاية، لا تصمت كي تتكلم، ولا تتكلم كي تصمت.. إذا رضيت فعبّر عن رضاك، لا تصطنع نصف رضا، وإذا رفضت فعبّر عن رفضك، لأن نصف الرفض قبول، والنصف هو أن تصل وألا تصل، وأن تعمل وألا تعمل، وأن تغيب وأن تحضر.. النصف هو أنت، عندما لا تكون أنت؛ لأنك لم تعرف من أنت.. النصف هو ألا تعرف من أنت.. نصف شربة لن تروي ظمأك، ونصف وجبة لن تشبع جوعك، نصف طريق لن يوصلك إلى أي مكان، ونصف فكرة لن تعطي لك نتيجة.. النصف هو لحظة عجزك وأنت لست بعاجز؛ لأنك لست نصف إنسان.. أنت إنسان وجدت كي تعيش الحياة، وليس كي تعيش نصف حياة!
“جبران خليل جبران”.
ليكن مبدأنا في التعامل مع مشاكلنا هو مبدأ المواجهة: ”إذا أردت أن تجتاز مرحلة مؤلمة في حياتك، عشها كاملة، لا ترض لا بالتخدير ولا بالتجاهل ولا بالتحايل ولا بأنصاف الحلول، وحدها المواجهة سوف تشفيك”.
وفي النهاية؛ لا توجد مشكلة إلا ولها وحل فجميع المشكلات تبدأ كبيرة في تصورنا ثم ما تلبث أن تتلاشى وتتناقص مع الزمن، ولنتذكر قول الشاعر:
دع اليوم تفعل ما تشاء
وطب نفسا أذا حكم القضاء
فلا يوجد مستحيل، حيث إنها بالعزيمة والإرادة والعقل تحل جميع المشكلات.