الإرهاب الإلكتروني

من الظواهر المفجعة والمعاصرة التي تعاني منها المجتمعات في بقاع الأرض، والتي من أهدافها الرئيسية أن تفتك بالأفراد والجماعات، ظاهرة الإرهاب الإلكتروني، والتي أصبحت من الظواهر الشائعة التي تقشعر لها الأبدان لما تتركه من آثار وخيمة على الحياة العامة وأوجاع وآلام على الحياة الاَمنة للناس واستقرارهم، حتى أنها وصلت لغرف نومهم، كما استطاع الإرهابيون القائمون على بؤر الإرهاب الإلكتروني اختراق مواقع دوائر حكومات ومؤسسات مدنية وعسكرية، واعتدت على خصوصيات الناس العاديين.

لا شك في أن انتشار الأجهزة الإلكترونية والإنترنت في كل مكان ساهم بشكل كبير في سهولة اختراق الهاكرز لمعظم المواقع والتأثير على المستخدمين وتوجيههم من أجل تحقيق أهداف مادية وسياسية، وما قصة الحوت الأزرق المتداولة الآن والتي انتهت بمأساة شنق طفل صغير نفسه، إلا مثال واحد على خطورة التهاون بمثل هذه المهلكات، مما يوجب علينا جميعًا الحذر وتحذير أبنائنا وبناتنا منها، وعدم الانجرار نحو مغريات هذه المؤثرات، وذلك من خلال التمسك بديننا وعاداتنا وعدم حفظ خصوصياتهم مثل الصور الخاصة وغيرها في أجهزة يسهل اختراقها من قبل المتربصين، مع التأكيد عليهم بإخبار أسرهم بأي اختراق لأجهزتهم أو تلقي تهديد وابتزاز لا سمح الله لكي يتعاملوا مع الحالة والإبلاغ الفوري للجهات الأمنية المختصة والتي قلوبها قبل أبوابها مفتوحة ليلًا ونهارًا ولكل كبير وصغير حرصًا على أمن وسلامة الجميع.

ومن أهم الأخطار وأكثرها شراسة، هو ما تقوم به الجماعات والمنظمات الإرهابية، وبعد تلقيها الضربات الأمنية الموجعة والقاتلة وإحباط مخططاتها الإجرامية وملاحقة عناصرها الإرهابية ومداهمة بؤر الفساد التي تأوي إليها، والتي كانت من زمن ليس ببعيد أفعالها الإرهابية المنحرفة منحصرة في الأعمال التخريبية ونشر الفوضى وبالعمليات الانتحارية الشنيعة من سفك للدماء وقتل الأبرياء والتي لم يسلم منها مقر آمن، من الحكومات الأمنية وأفرادها ودور العبادة والمجمعات السكنية والأسواق التجارية الآمنة والمكتظة بجميع الناس من المواطنين ومن الجنسيات المختلفة.

وقد أصبحت بصمات هذه البؤر الهدامة منتشرة حول العالم بكل الوسائل المتاحة وعلى كل الأصعدة، ومنها الصعيد الإلكتروني والإنترنت، وبتجنيد عناصر تنظيم إرهابية يملكون التقنيات الحديثة وتمول من منظمات ودول معادية وبطرق غير مشروعة وسلوكيات فاحشة، مما جعل العالم بأسره من دول وحكومات وأفراد وجماعات في تحدٍ كبير وصعب للغاية وحيرة من أمره أحيانًا، للتصدي لهذه الظاهرة الإرهابية الإلكترونية الخطيرة، وذلك ببذل كل ما بوسعها وإمكانياتها في تذليل العقبات والصعوبات التي تواجه الأجهزة الأمنية في إثبات الجريمة الإلكترونية ومصدرها.

وإن التكنولوجيا لبعض الحكومات لا تملك التقنيات المطورة لتحديد هوية مرتكبي الجريمة التي طالما زج الإرهابيون بها عنوة أحد الأفراد أو الجماعات لغرض الرعب والتهديد والابتزاز وتعريض حياة الناس وحرياتهم وأمنهم وأعراضهم وحقوقهم للخطر، وهذا نوع آخر من الإرهاب والقتل والدمار والتدليس وإلصاق التهم وبمخالب المكر والخداع الفظيعة والشنيعة التي تقوم بها هذه الجماعات الإرهابية.

وما هو مؤسف ومحزن؛ دور الإعلام في كل مكان، بكل وسائله والذي حتى الآن لم يعط اهتمامًا بحجم خطورة المشكلة ولا يقدم الأولويات في قنوات إعلامه المرئي والمسموع ولا في أعمدة صحفه ومنشوراته المقروءة لتلك الظاهرة، حتى يقي المجتمع من أضرارها وخطورتها وما تقوم به من تهديد إجرامي من تزوير وفبركة للصور والكتابات وإلصاق التهم للرجال والنساء وكبار السن من الشيوخ وحتى الصغار وتعريضهم للأذى والمساءلة.

هذا التقصير الإعلامي قد ينتج عنه سلبيات وإحراجات للجهات الأمنية والمهتمين بسبب عدم التوعية الصحيحة للمواطنين، ويعطي تلك الجماعات و المنظمات الإرهابية طريقًا للإفلات، ومما يزيد الأمر تعقيدًا أن الإرهابي المحترف يستطيع أن يختفي تحت شخصية وهمية أو اسم مستعار ويؤيد أفعاله بأدلة مادية وملموسة، ومنها الوثائق والصور المفبركة والتي تكاد أن تكون حقيقية يصعب تشخيصها حتى يتمكن الإرهابي من تثبيت الجريمة ضد ضحاياه وهو بمقره مطمئنًا آمنًا.

ومما هو خطير للغاية أن معظم القضايا إن لم تكن جميعها التي تحال إلى بعض حكومات الدول المتعاونة والمتعاهدة بمواجهة جميع جرائم الإرهاب الإلكتروني وغيره من الإنتربول الدولي وما شابه ذلك من المؤسسات أو المنظمات ذات الصلة، من تلك القضايا والتي تنسب إلى أفراد المجتمع يكتشف أن ضحاياها تعرضوا لصنف من الابتزاز الإرهابي الإلكتروني المادي أو السلوكي.

نسأل الله القدير أن يوفق الجميع حكومات وشعوبًا، وأن يديم على هذا البلد المبارك خيراته وأمنه ويعين الجهات المعنية بالمهام المناطة بهم، وأن يدحر كل من يريد المساس بأمن وسلامة المواطنين وكل من تسول له نفسه بالمساس بأمن واستقرار الوطن الغالي.


error: المحتوي محمي