المرأة عالم جميل ومساحة خضراء، المرأة قلب المجتمع، وعنصره الريادي إن صلُح ودُعِم، طاقة لا يُستَهان بها؛ دعوة وفكرًا وعلمًا، ونجاح أي رجل يعني من ورائه امرأة عظيمة، فالمرأة لها دور مهم، كلما ارتقت وتعلمت ارتقى معها الجيل الصاعد لأنها هي من تبني شخصية هذا الجيل وليس هناك أي معوقات يمكن أن تثنيها عن تحقيق طموحها بشرط أن تبقى محتفظة بمبادئها وقيمها.
عالم المرأة أوسع من عالم الرجل، فعالم الرجل خاص بالحاضر، بينما عالم المرأة يعم الحاضر والمستقبل.
المرأة هي سر جمال الحياة، لأن طبيعتها الرقيقة تفرض عليها أن تمنح العطف والحنان لكل من حولها، فهي القلب الحنون والروح الطيبة التي تنشر الدفء والعبير في المكان، وهي الروح التي يسكن إليها الرجل والأبناء، لأنها سر استقرار الأسرة وثباتها.
المرأة شريك في التنمية وصانعة للتغيير ومحركة للتطور ومربية للأجيال، فقد تبوأت المناصب العليا، والوظائف التي كانت إلى زمن قريب حكرًا على الرجال فتفوقت فيها لشعور بالمسؤولية، فأصبح وجود المرأة في عالمنا اليوم مألوفا في جميع المجالات، بعد أن أثبتت جدارتها كطبيبة وممرضة ومعلمة ، فالكثيرات يساهمن يوميًا على طريقتهن، في كتابة التاريخ، كما أثبتت قدرتها على المساهمة الفاعلة في مسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وحرصت على المشاركة الفاعلة في الحياة العامة بمجالاتها كافة.
بعد هذه المقدمة البسيطة والقليلة في حق المرأة ودورها الرسالي، أقول وبتعبير صادق أصبحت شريكًا فاعلًا في الخير والعطاء، وأن نجاح الأسرة والمجتمع مرتبط بنجاح وذكاء ووعي وثقافة المرأة.
دور المرأة في الأسرة
بالنسبة للمرأة، فالدور المعياري لها كامرأة وزوجة وأم، أي الدور الذي يتوقعه منها المجتمع وينتظر منها القيام به، يتفق اتفاقًا كبيرًا مع دورها الفعلي إن لم يتطابق معه.
إن المرأة تتمتع بصفات قد لا يتحملها الرجل، ومن أبرزها الصبر، فهي أجلد من الرجل في تحمل العمل، وهي أعلم بأحاسيس مثيلاتها، وقد مرت بالمرحلة التي أصبح لها بها اهتمام بعد أن تجاوزتها، وهي التي تستطيع التداخل والمواجهة والمخالطة بهن.
كل ذلك يحتم عليها أن تقوم بدور في مجتمعها، يوازي دورها في بيتها، ولا يخل به، وهنا أؤكد أن إيماني بقيمة أخذ المرأة بزمام العمل الاجتماعي النسوي والطفولي، لا يعني تشجيعها على ترك بيتها، بل هو الأولى بها، ولكن المرأة القوية في الفكر، الماهرة في إدارة وقتها، سوف تجد وقتًا كافيًا لهذا وذاك وتقوده بنجاح.
وإذا كانت المرأة هي المدرسة الأولى التي يتلقّى فيها الطفل دروسه الابتدائية في تعامله مع الحياة، وإذا كان ما تغرسه في نفوس الأبناء من قيمٍ في السنوات الأولى يلازمهم طوال حياتهم، مهما تراكم عليها من عوامل الإفساد، كان لا بد أن تتسلّح بثقافةٍ دينيةٍ أساسيّةٍ تكون لها هاديًا لتلقين الأبناء القيم الإسلاميّة السليمة والصحيحة.
وإذا كانت التربية الصحيّة أصبحت علمًا قائمًا بذاته له أصوله وقواعده، فإنّه يتعيّن على المرأة المربية والناضجة والواعية أن تُلمّ بقسط من التربية الغذائية، فتعرف مكونات الغذاء الكامل، وأثر غياب بعضها على النمو السليم، بالإضافة إلى ما يوفّره الغذاء الكامل من سلامة البدن، وبالتالي سلامة العقل، فالعقل السليم في الجسم السليم، وأن تربي أبناءها الالتزام بقواعد النظافة والطهارة في الظاهر والباطن.
بالإضافة إلى ما سبق، أن تُنشئ أولادها على النّظام، وأن تحرص على أن يكون البيت جميلًا منسقًا؛ والجمال ليس علمًا يلقن، ولكنه إحساس وثقافةٌ تؤصل في الإنسان منذ نعومة أظفاره، حتى تصير جزءًا من شخصيّته.
والمرأة المتعلمة والمثقفة و المنظمة والدقيقة أولى النّاس أن تكتسب هذه الثقافة وتربي عليها أطفالها ليشبوا على حب النظام والجمال وتقديره، فالله جميل يُحبّ الجمال.
إن الذي يصنع المرأة المثقفة والقيادية هي التربية العائلية بمعنى أوضح المحيط البيئي الأسري هو الذي ينمي ويبني المرأة القيادية، أضف إلى قوة الشخصية التي تتمتع بها وتأهيلها العلمي، لذلك سيكون على المجتمع لزامًا احترام تلك المرأة والسماح لها بالمشاركة بالمجتمع وعدم النظر لها بعين شفقة تقلل من شأنها.
المرأة القيادية تدرك أن السفن الشراعية تتحرك بفعل الرياح، ولكنها تدرك أيضًا أن اتجاه السفينة إنما تحدده الأشرعة وليست الرياح، ولذلك فقد نشرت أشرعتها في وجه الرياح التي كثيرًا ما تجري بعكس ما تشتهيه السفن، إلا أنها تستطيع أن توصل سفينتها إلى بر الأمان بتركيزها على نفسها وعلى إمكانياتها اللامحدودة.
دور المرأة في العمل الاجتماعي
للمرأة دور كبير في العمل التطوعي، وهو أن تبذل شيئًا من جهودها ووقتها بإرادتها في منفعة الآخرين، وتقديم الخدمة لهم، ومن أهم الأعمال التي تستطيع المرأة في وقتنا الحاضر القيام بها المشاركة في الجمعيات الخيرية التطوعية، ومن أهم النشاطات التي تقوم بها هذه الجمعيات هي النشاطات الاجتماعية المتنوعة الكثيرة والعظيمة، وأهمها تقصي أحوال الأسر المحتاجة والأفراد ذوي الحاجة وتقديم المساعدات لهم، والمشاركة في الأسواق والأطباق الخيرية التي يستفاد من ريعها في تموين المشاريع الخيرية، فهي معروفة بالإخلاص، والإيثار، وحسن التعامل، ودقة العمل المناط إليها وحفظ أسراره.
إن سر قوة المرأة في حسن إدارة هذه المشاريع الاجتماعية؛ الدقة في العمل والنظام وإدارة الوقت والإخلاص في الإنجاز، وما نراه جميعًا من نماذج في مجتمعنا ممن يستحقون الثناء والأوسمة والتقدير والاحترام، نظرًا لوعيهم الرسالي والثقافي والاجتماعي في الحفاظ على سجل الأسرة من الانحطاط والتخلف.
المرأة مهما تبدلت أدوارها ظلت بروح واحدة تجمع كل الصفات وتتقن فن إدارتها بامتياز وباستثنائية لا يستطيع أي من الرجال إتقانها، فهي معجونة معها منذ التكوين بالصبر والرقة والحنان والحب والإحساس والطاقة والغيرة والجمال والأنوثة والكبرياء الزاهد والطيبة المتواضعة.
ومن هنا تتحد أبرز مسؤولية المرأة في بناء المجتمع السوي السليم نفسيًا واجتماعيًا ووظيفيًا واقتصاديًا، لأنها مصدر السكن والود والحنان والرحمة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
إن تطور ورقي أي مجتمع بات يقاس بدرجة التطور الثقافي والاجتماعي للمرأة ومساهمتها الفعالة في البناء الحضاري للمجتمع، فالمجتمع الذي يصل إلى احترام المرأة والتعامل معها كإنسان متكامل له كامل الحقوق الإنسانية وآمن بدورها المؤثر في بناء وتطور المجتمع يكون مجتمعًا قد بلغ مرحلة من الوعي الإنساني وفهم أسس التربية الإنسانية الصحيحة والتي تتحمل المرأة وزرها الأكبر، ويكون قد تخلص من التقاليد والأعراف البالية التي سادت المجتمع والتي تسحق كرامة المرأة وتضعها في مكانة أقل من مكانتها الحقيقية.
إن بعض المجتمعات تنظر إلى المرأة نظرة دونية متخلفة، لذلك لم تحظ بأي اهتمام لرفع مستواها الثقافي والاجتماعي، ولم يوضع لها خطط مدروسة ومنظمة للنهوض بواقعها الثقافي أو الاجتماعي.
وتأتي خلاصة هذا المقال في أن:
1- المرأة تلعب دورًا هامًا في بناء المجتمعات، إلا أن الفطرة الذكورة في مجتمعاتنا هي التي لعبت دورًا في تهميش دور المرأة والحد من طموحاتها الأنوثية، إن المرأة بإمكانها التربع على هرم الإبداع والقيادة في الثقافة والمعرفة إذا عملت التنشئة الاجتماعية والبيئية على إعطائها الفرصة من البداية، وعدم تلقين أفراد الأسرة أن الأصول المجتمعية والأعراف الثقافية هي الضابط الأول في تربية الأنثى.
2- الثراء المعرفي للمرأة ضروري جدًا في تعاملها مع أبناء يعيشون في عالم تتسارع وتيرته المعرفية والتكنولوجية، فالثقافة نضارة نفسية تحافظ على رمزية الأم كمحضن وملجأ وملاذ في كل الأزمات التي تعتري الأبناء، يجدون بجانب الدفء الأموي المشورة الواقعية والحلول العصرية لكل معضلة.
3 – الإبداع الحقيقي ليس له هوية جنسية، ولا يمكن الحديث عن إبداع ذكري وإبداع أنثوي، لأن العمل الحقيقي يفرض قيمته بما فيه من ميزات تتطابق مع معايير الإبداع ولا يفرض قيمته على أساس الجنس، فمن الواجب علينا احترام قدرات المرأة وقدرتها على التحدي والصبر والطموح، إن العقل المثقف خير تاج للمرأة العصرية، فهو الذي يضمن لها تألقها الأسري وسعادتها الزوجية وبريقها الروحي الذي لا تشوبه الأيام حتى لو بلغت من الكبر عتيًا.
3- حقًا وراء كل رجل عظيم امرأة ولكن ليست أية امرأة، بل هي امرأة بمواصفات معينة منها الصدق والعزيمة والإصرار والمثابرة وحسن التصرف والإيمان بأن تطور ورقي أي مجتمع بات يقاس بدرجة التطور الثقافي والاجتماعي للمرأة ومساهمتها الفعالة في البناء الحضاري للمجتمع، ما تفعل والأمثلة في التاريخ كثيرة.
إنّ رسالة المرأة في أسرتها تتعدّى مهمة التربية إلى مهمة إعداد جيلٍ من الأبناء يحسن التّعامل مع مجتمعه ويحسن العطاء فتزوده بالمهارات الاجتماعية اللازمة، لذلك كما تبيّن حقّ المجتمع عليه ويتشارك الأب هذه المسؤولية مع المرأة حتى يكون نتاج التّربية أفضل، كما تتجلّى أهميّة المرأة حين تؤدّي رسالتها بالمجتمع بما تحمله من شهادات علميّة تمكّنها من تعليم الأجيال.
وأخيرًا الحديث عن المرأة يطول ويطول، وأرجو أن يكون طرحي البسيط قد لمس جانبًا معينًا من حق المرأة في مجتمعنا.